سياحه وآثارمقالات

أسرار المقبرة الأطول والأعمق في وادي الملوك

كتب /محسن شعراوي

في أعماق وادي الملوك، حيث ترقد أرواح الملوك العظماء، تقع مقبرة سيتي الأول، تحفة فنية ونصبًا خالداً يحكي حكاية ملك سعى جاهداً نحو الخلود. تُعدّ هذه المقبرة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهي الأطول والأعمق بين مقابر وادي الملوك، إذ تمتد لمسافة 137 متراً، بمثابة رحلة إلى عالم الآخرة تزخر بالنقوش والرسومات البديعة.
على جدرانها الإحدى عشر، نقوش بارزة تحاكي رحلة رع الإلهية عبر السماء، تُجسّد رحلة سيتي الأول نحو الخلود. نقوشٌ حيةٌ تصور كتاب “الخروج إلى النهار” و”رحلة رع الليلية”، تُضيء دروب الفرعون في رحلته الأبدية. ولكن رحلة سيتي الأول لم تكن لتكتمل دون “فتح الفم”، ذلك الطقس الجنائزي المقدس الذي يضمن للمتوفى الحياة الأبدية. نقوشٌ بديعة على جدران إحدى الحجرات الداخلية للمقبرة تُصور تفاصيل هذا الطقس، حيث تتناول مومياء الملك الطعام، رمزًا لقدرته على البقاء على قيد الحياة في العالم الآخر.
ولكن أسرار مقبرة سيتي الأول لم تنتهِ عند ذلك الحد. ففي أعماقها، اكتُشف ممرٌ طويلٌ لم يسبق له مثيل، يمتد أسفل سفح الجبل، ليُفضي إلى حجرة الدفن التي تضم تابوت الملك. ممرٌ غامضٌ لم يتم استكشافه بالكامل حتى الآن، ليُبقِي على سرٍّ من أسرار الفراعنة العظماء مُخبأً بين طياته.
مقبرة سيتي الأول ليست مجرد مكان دفن، بل هي رحلة عبر الزمن، رحلة إلى عظمة الحضارة المصرية القديمة، رحلة إلى قلب المصريين القدماء وطقوسهم ومعتقداتهم. رحلةٌ تجذبُك وتُبهرك وتُشعرك بالرهبة، رحلةٌ تدفعك للغوص في أعماق التاريخ واكتشاف أسراره المخبأة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى