مقالات

الحكيم والذكي

د.صالح العطوان الحيالي
مقالة بسيطة توضح معنى الحكيم والذكي .
قال سبحانه وتعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولي الالباب ) البقرة ٢٦٩ .
الحكمة تفوق الذكاء ، فالذكي قد يستطيع استيعاب الكثير من المسائل وحل الكثير من المشاكل لكن ذلك لايعني بالضرورة تصرفه بحكمة والتي هي رجاحة العقل ورزانته . فالحكمة هي إنزال الشيء أو وضعه في وضعه أو منزله أو موضعه الصحيح .
قد يكون المرء عبقريا بحل أعقد المسائل الفلكية أو الهندسية ولكنه يعيش ويتصرف كإنسان بلا عقل .
كان يسكر أو يخمر فيفقد عقله
ولقد رأينا الكثير من هؤلاء فهل في ذلك شيء من الحكمة ؟ .
فالذكي هو الذي لديه القدرة على القيام بالعمليات العقلية بشكل أقوى وأكثر دقة من غيره وخصوصاً التحليل والاستنتاج والوصول إلى “ما هو صحيح وما هو خاطئ” من معلومات وحقائق.. ما الذي يقبله العقل والمنطق وما الذي لا يقبلانه؟
لذلك الذكي دائماً يخبرك ما إذا كانت هذه الحقيقة صواب أم خطأ.
أما الحكيم فهو الذي لديه حُسن تصرف وسداد وتوفيق في الفعل، يعرف التصرف المناسب في الوقت المناسب، يعرف ما يجب فعله وما لا يجب فعله، أي يعرف “ما هو مناسب وما هو غير مناسب” وفقاً للظروف المرافقة للموقف والمستقبل والصورة الكاملة، يعرف مصلحته ومصلحة غيره، يرجع ذلك لخبراته وتجاربه وذكائه.
لذلك الحكيم دائماً ما يعطيك النصائح ويخبرك ما هو جيد ومقبول ومناسب وما هو سيء وغير مقبول وغير مناسب..
الذكي قد يحل أصعب المسائل وأعقدها بل قد يضع قانوناً جديداً أو يخترع اختراعاً ثم يتخذ قراراً خاطئاً ميصيراً مثل قرار الزواج! الحكيم قلّما يُخطئ..
مثال للتوضيح أكثر: قد تجد شخصاً ذكياً مُحللاً من الدرجة الأولى لا تنطلي عليه أي معلومة ركيكة ومنطقي ومقنع، ولكن اختياراته في الحياة خاطئة “أي غبي حياتياً” لا يُحسن التصرف، عند النقاش تلاحظ ذكاءه ولكن عندما تنظر إلى عمله أو منزله أو علاقاته تستطيع الشعور بأنه قام بخيارات خاطئة كان الأجدر به أن يختار أفضل منها وتستغرب كيف ذلك وهو ذكي! هنا مقصدي.. بالطبع نستثني من المثال الظروف الصعبة التي تجبر على العيش بشكل معين، أنا أقصد “الاختيارات الغير موفقة”.
لطالما اعتقدت أنا الذكاء يعطي جاذبية عالية للشخص، ولكني أحب رفقة الحكماء خصوصاً على المدى البعيد.
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى