مقالات
تواطؤ إيراني أم مخطط جديد؟ ما الرسالة من وراء إغتيال هنية ونصر الله ورئيسي؟
كتب: خالد عبدالحميد مصطفى
في فترةٍ من الصراع السياسي والمخابراتي الدولي، كانت عمليات الإغتيال الأخيرة التي إستهدفت شخصيات بارزة مثل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وقائد حماس إسماعيل هنية، محطّاً لإهتمام وسائل الإعلام والمحلليين السياسيين. هذه الحوادث دفعت البعض إلى التساؤل حول ما إذا كانت تلك العمليات مجرد صراعات داخلية، أم أن هناك مخططاً أوسع يقف وراءها. هل هذه إغتيالات مخطط لها بعناية لتصفية حسابات بين القوى الإقليمية، أم أن هناك تواطؤًا إيرانياً ضمن إستراتيجية مدروسة؟ وما هي العلاقة الخفية التي قد تربط إيران بالولايات المتحدة الأمريكية في هذه التطورات؟
الإغتيال الأول: إبراهيم رئيسي”
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي تولى السلطة في إيران عام 2021، يُعتبر من الشخصيات ذات التأثير الكبير داخل النظام الإيراني. بدايةً، يجب أن نتذكر أن رئيسي لا يحظى بالكثير من الشعبية الداخلية، وقد وصفه البعض بأنه شخصية مرتبطة بتوجهات متشددة ومناهضة للغرب. لذلك، من المحتمل أن إغتياله يمكن أن يكون بمثابة تصفية حسابات داخلية، حيث يسعى معارضوه إلى التخلص منه لتعطيل سياساته.
من جهة أخرى، هناك تفسير يشير إلى أن الإغتيال قد يكون ضمن سلسلة من العمليات التي تهدف إلى إضعاف إيران على الساحة الدولية، خصوصاً في وقت تعاني فيه من أزمة إقتصادية وضغوط دولية بسبب برنامجها النووي وتدخلاتها الإقليمية. وهنا، تبرز فرضية أن الولايات المتحدة قد تكون خلف هذا التحرك كجزء من إستراتيجية لتقليص نفوذ طهران في الشرق الأوسط.
الإغتيال الثاني: إسماعيل هنية”
إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يمثل صراعاً معقداً من ناحية النفوذ في القضية الفلسطينية. الإغتيال المفترض له يمكن أن يكون رسالة لإضعاف الحركة التي تلعب دوراً حيوياً في التأثير على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتزعزع إستقرار المنطقة بأسرها. من ناحية أخرى، يظل السؤال مطروحاً حول ما إذا كان هناك دور خفي لإيران في هذا الإغتيال، خصوصاً مع إرتباط حركة حماس بنظام طهران، حيث تقدم إيران الدعم المالي والعسكري لحماس منذ سنوات.
وبينما يشير البعض إلى وجود مصلحة إيرانية في إضعاف حماس لتجنب تصعيد صراعات مع إسرائيل، هناك آخرون يرون أن الإغتيال جزء من محاولات غربية لوقف دعم إيران للجماعات المسلحة في غزة والضفة الغربية، بما يتماشى مع الإستراتيجية الغربية للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.
الإغتيال الثالث: حسن نصر الله”
حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، هو شخصية محورية في محور المقاومة الذي يتزعمه إيران. إغتياله يعد بمثابة تصعيد كبير في الصراع بين إيران وحلفائها من جهة، والدول الغربية وإسرائيل من جهة أخرى. نصر الله يعتبر من الأذرع الإيرانية البارزة التي تلعب دوراً حاسماً في تعزيز النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإن إغتياله سيكون ضربة قاسية لهذا المحور.
من المفترض أن يكون الهدف من وراء إغتياله هو إضعاف حزب الله بشكل مباشر، ووقف الدعم الإيراني المتواصل له. إلا أن هناك تحليلات تشير إلى أن الإغتيال قد يكون بمثابة إختبار لجس نبض التحالفات الإقليمية. وإذا كانت هناك فعلاً قوى إقليمية أو دولية ترغب في القضاء على محور المقاومة، فقد يكون إغتيال نصر الله خطوة نحو تحقيق هذا الهدف.
العلاقة المخفية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية”
على الرغم من التصريحات العلنية والإتهامات المتبادلة بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن هناك دلائل على وجود علاقة غير مباشرة بينهما، خاصة في ظل وجود تفاهمات بشأن بعض الملفات. ربما تكون هناك قنوات سرية بين الجانبين تتعلق بالملفات الحساسة مثل البرنامج النووي الإيراني، أو محاولات التهدئة في النزاعات الإقليمية.
في السنوات الأخيرة، سعت الولايات المتحدة إلى الضغط على إيران من خلال فرض عقوبات، ولكن في ذات الوقت، لم تغلق الولايات المتحدة جميع أبواب التفاوض معها. من الممكن أن يكون التواطؤ الإيراني ضمناً مع الغرب في مجريات الأحداث الأخيرة. ربما تحاول إيران تحقيق أهدافها الإقليمية من خلال تحركات إستراتيجية غير مباشرة، في الوقت الذي تعود فيه الولايات المتحدة لتوسيع نفوذها في مناطق الصراع.
ختاماً” من الواضح أن عمليات الإغتيال الأخيرة التي إستهدفت إبراهيم رئيسي، وإسماعيل هنية، وحسن نصر الله، ليست مجرد أحداث عابرة في الصراع الإقليمي، بل تشير إلى وجود إستراتيجية أوسع يمكن أن تحمل في طياتها رسائل متعددة إلى القوى الفاعلة في المنطقة. ويبقى السؤال الأهم: هل هي إغتيالات مدبرة لتصفية حسابات داخلية أو خارجية، أم أنها جزء من مخطط أكبر يتضمن التواطؤ بين القوى العالمية والإقليمية؟