مقالات
قوة الردع المصرية: كيف تطور الجيش المصري بعد ثورة 2011؟
كتب: خالد عبدالحميد مصطفى
يُعتبر الجيش المصري أحد أقدم وأقوى الجيوش في المنطقة العربية والعالم. لطالما كان قوة رادعة وحصناً منيعاً للدفاع عن أمن مصر القومي. ومع تطورات الأحداث السياسية والإجتماعية في مصر، لاسيما بعد ثورة 25 يناير 2011، شهد الجيش المصري تحولات كبيرة في تكوينه، وتسليحه، وإستراتيجيته العسكرية، فكان لابد من توضيح مدى تطور الجيش المصري منذ ثورة 2011، مع تسليط الضوء على تحسن القدرات الدفاعية والهجومية عبر تحديث ترسانته بأسلحة عالمية حديثة، وجاهزيته المستمرة لحماية الأراضي المصرية.
الجيش المصري قبل ثورة 2011:
قبل ثورة 2011، كان الجيش المصري يمتلك قوة عسكرية كبيرة، قوامها موروث من عقود سابقة من البناء العسكري بعد حرب أكتوبر 1973. على الرغم من الإحتفاظ بقدرات تقليدية، كانت هناك تحديات تتعلق بتحديث الترسانة العسكرية وإعتماد الجيش بشكل كبير على أسلحة قديمة الطراز نسبياً. العلاقات العسكرية الخارجية لمصر كانت قوية مع الولايات المتحدة، التي زودت مصر بمساعدات عسكرية سنوية بموجب إتفاقية كامب ديفيد، مما جعل مصر تعتمد على الأسلحة الأمريكية بشكل كبير في بعض الجوانب، ولكن هذا الأمر كان يُعَوق المرونة في شراء أسلحة من مصادر أخرى.
تطور الجيش بعد ثورة 2011:
بعد ثورة 25 يناير 2011، تعرضت مصر لمرحلة إنتقالية حرجة، تلتها تحديات سياسية وأمنية كبيرة. كانت هذه المرحلة نقطة تحول في رؤية القيادة العسكرية المصرية لتحديث الجيش وزيادة إعتماده على التنوع في مصادر التسليح. وبالرغم من الإضطرابات السياسية، ظلت القيادة العسكرية تعمل على تطوير القدرات القتالية للجيش لضمان إستقرار البلاد وحماية حدودها.
منذ عام 2013، بعد إستقرار الوضع السياسي، شهد الجيش المصري قفزات نوعية في مجال التسليح والتدريب. تم إبرام صفقات تسليحية ضخمة مع عدد من الدول الكبرى، مثل روسيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب إستمرار التعاون العسكري مع الولايات المتحدة.
تحديث الترسانة العسكرية:
شهدت السنوات التي تلت ثورة 2011 تحولاً كبيراً في إستراتيجية التسليح. أصبح الهدف الرئيسي هو تحقيق قوة رادعة قادرة على التعامل مع التحديات الإقليمية والتهديدات غير التقليدية.
ومن بين أبرز الأسلحة التي أدخلت إلى الجيش المصري بعد الثورة:
المقاتلات متعددة المهام”
شهد الجيش المصري إنضمام مقاتلات من طراز “رافال” الفرنسية و”ميج-29″ الروسية، مما زاد من القدرة الجوية على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية على نطاق واسع.
الغواصات والسفن الحربية”
تعزيز القوة البحرية كان ضرورة، خاصة مع زيادة التهديدات في البحر الأحمر والبحر المتوسط. تم تزويد البحرية المصرية بغواصات حديثة من طراز “209” الألمانية، وكذلك حاملة المروحيات “ميسترال” الفرنسية، مما عزز القدرات الهجومية واللوجستية البحرية.
أنظمة الدفاع الجوي”
لحماية المجال الجوي المصري، تم إدخال أنظمة دفاع جوي متطورة مثل S-300 الروسية، إلى جانب الأنظمة التقليدية، مما جعل مصر قادرة على مواجهة أي تهديدات جوية بفعالية.
الدبابات والمدرعات”
إستمر الجيش في تعزيز قواته البرية بدبابات حديثة مثل “أبرامز M1A1” الأمريكية ومدرعات حديثة، مما ساعد على تحسين القدرة الهجومية والقدرة على تنفيذ عمليات برية معقدة.
جاهزية الجيش المصري”
اليوم، يُعتبر الجيش المصري واحداً من أكثر الجيوش تجهيزاً في المنطقة. يعمل الجيش على تدريب قواته بإستمرار على أحدث التكتيكات العسكرية، كما يشارك بإنتظام في مناورات عسكرية مشتركة مع دول صديقة مثل “النجم الساطع” مع الولايات المتحدة و”حماة النيل” مع السودان.
قوة الردع”
يمتلك الجيش المصري الآن مزيجاً من القدرات الدفاعية والهجومية التي تجعله قادراً على التصدي لأي تهديدات داخلية أو خارجية. قدرات الردع تشمل القوة الجوية المتطورة، القوة البحرية التي تستطيع تأمين سواحل البلاد، والقوة البرية المزودة بأحدث الأسلحة والمعدات. كما أن جاهزية الجيش المصري العالية تعكس قدرته على التحرك السريع في حال تطلب الأمر تنفيذ عمليات هجومية خارج حدود البلاد للدفاع عن مصالحها الحيوية.
كما شهدت الصناعات العسكرية المصرية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مع زيادة الإعتماد على الإنتاج المحلي لتلبية إحتياجات الجيش وتعزيز الإستقلالية الدفاعية. حيث أقامت مصر العديد من المصانع العسكرية المحلية، وتطوير الكثير منها مثل الهيئة العربية للتصنيع ومصانع الإنتاج الحربي، والتي تلعب دوراً حيوياً في تصنيع الأسلحة والمعدات محلياً. من أبرز الأسلحة المصرية الصنع، نجد دبابة “M1A1 أبرامز” التي تُجمع في مصر بشراكة مع الولايات المتحدة، والمدرعة “فهد” التي تُستخدم في العمليات البرية. كما تنتج مصر أيضاً ذخائر، وقطع غيار، ومنظومات تسليحية مختلفة تغطي إحتياجاته
ختاماً” منذ ثورة 2011، نجح الجيش المصري في تعزيز قدراته العسكرية بشكل كبير، مما جعله أحد أبرز الجيوش في المنطقة. هذا التطور لم يكن مجرد تحديث في الأسلحة والمعدات، بل أيضاً في الفكر العسكري والإستراتيجية الدفاعية. جاهزية الجيش المصري اليوم تضعه في موقف قوي، حيث يمكنه الدفاع عن سيادة مصر وحماية مصالحها ضد أي تهديدات، سواء كانت من دول أو جماعات غير نظامية.