مقالات
تشابه الأحداث وإختلاف التوقيت: كيف خُطِّطت أجندات 11 سبتمبر و7 أكتوبر مسبقاً؟
كتب: خالد عبدالحميد مصطفى
يشهد العالم بين الحين والآخر أحداثاً مفصلية تترك بصمتها على الساحة الدولية، مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 وأحداث 7 أكتوبر 2023. هذان التاريخان البارزان، رغم إختلاف توقيتهما وظروفهما، يشتركان في نمط يثير العديد من التساؤلات حول التخطيط المُسبق لهما. فهل كان وراء هذه الأحداث الكبرى أجندات مخططة بعناية لتحقيق أهداف غير مرئية؟ وكيف تتشابك المصالح الدولية وتتصادم في ظل هذه الصراعات؟ نحاول هنا الإجابة على هذه التساؤلات من خلال إستعراض التخطيط المُسبق لتلك الأحداث وتحليل الأهداف الكامنة وراءها.
التخطيط المسبق لأحداث 11 سبتمبر”
هجمات 11 سبتمبر 2001 التي إستهدفت برجي التجارة العالميين في نيويورك ومبنى البنتاغون كانت نقطة تحول في السياسة العالمية. حيث تبنت الولايات المتحدة نظرية “الحرب على الإرهاب”، مما أدى إلى تدخل عسكري في أفغانستان والعراق وفرض سياسات أمنية صارمة على الصعيد الدولي. ورغم أن الهجمات بدت مفاجئة، إلا أن العديد من المؤرخين والمحللين السياسيين يتفقون على أن هناك إشارات سابقة كانت تُنذر بحدوث مثل هذه الكارثة.
تشير الوثائق التي ظهرت لاحقاً إلى وجود تحذيرات سابقة لأجهزة الإستخبارات الأمريكية بشأن هجوم محتمل من تنظيم القاعدة. لكن هناك من يذهب أبعد من ذلك، ليطرح فكرة أن تلك الأحداث تم إستغلالها بشكل إستراتيجي لتبرير التدخلات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. التورط الأمريكي في تلك المنطقة لم يكن فقط لمحاربة “الإرهاب”، بل لتحقيق أهداف إقتصادية وجيوسياسية تتعلق بالنفط والسيطرة على الممرات الحيوية.
التخطيط المُسبق لأحداث 7 أكتوبر”
في 7 أكتوبر 2023، إندلعت شرارة حرب مفاجئة في منطقة الشرق الأوسط، تحديداً بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، مما أطلق شرارة صراع إقليمي واسع. هذه الأحداث كانت مسبوقة بتوترات متزايدة، لكن المفاجئ كان توقيتها وسرعتها. وهناك من يرى أن هذه الحرب لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تخطيط مسبق.
التخطيط المسبق لهذه الحرب يتجلى في تحركات الأطراف المعنية قبل إندلاعها. إسرائيل، المدعومة من قوى غربية، كانت تستعد لمواجهة عسكرية في المنطقة، بينما المقاومة الفلسطينية كانت أيضاً تتجهز عسكرياً لهذا السيناريو. لكن خلف هذا الصراع العسكري يكمن الهدف غير المرئي، وهو إعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، مع تركيز على تحجيم النفوذ الإيراني والحد من توسع القوى المتنافسة على المنطقة.
الهدف غير المرئي وراء هذه المخططات”
على الرغم من الإختلاف الظاهري بين هجمات 11 سبتمبر وأحداث 7 أكتوبر، إلا أن الهدف الأساسي وراء هذه الأحداث يبدو متشابهاً إلى حد كبير وهو إعادة تشكيل النظام العالمي بما يتماشى مع مصالح القوى العظمى. ففي حالة 11 سبتمبر، تم تعزيز النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط تحت شعار مكافحة الإرهاب، بينما في 7 أكتوبر، تسعى إسرائيل ومن خلفها بعض القوى الغربية إلى تقويض أي تهديد إقليمي من المقاومة الفلسطينية أو الدول الداعمة لها مثل إيران.
ما يحدث في خلفية هذه الأحداث هو محاولة لبناء توازنات جديدة في العالم، سواء على الصعيد السياسي أو الإقتصادي. وبالرغم من أن الأطراف الفاعلة تبدو ظاهرياً في حالة عداء، إلا أن بعض التحالفات الخفية والتوافقات الغير معلنة تشير إلى أن هناك مصالح متداخلة تسعى كل جهة لتحقيقها.
من مع من ومن ضد من؟”
في الصراعات الكبرى مثل 11 سبتمبر و7 أكتوبر، يبدو أن هناك تحالفات ظاهرة وأخرى خفية. بعد هجمات 11 سبتمبر، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في مواجهة مع ما وصفوه بـ”محور الشر” الذي شمل العراق وأفغانستان وإيران، لكن الصراعات الحالية توضح تغير الخريطة بشكل كبير.
في أحداث 7 أكتوبر، نجد أن إسرائيل مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية في مواجهة المقاومة الفلسطينية التي تتلقى دعماً من إيران وحلفائها الإقليميين. في نفس الوقت، تتصاعد التوترات بين القوى الكبرى مثل روسيا والصين مع الولايات المتحدة وحلفائها، ما يعكس الصراع على النفوذ العالمي وتشكيل النظام الدولي الجديد.
ورغم أن العالم يبدو منقسماً بشكل واضح بين معسكرين، إلا أن الحقيقة أكثر تعقيداً. فهناك العديد من الأطراف التي تتعاون في الخفاء لتحقيق مصالح مشتركة، حتى وإن كانت تُعلن العداء على المستوى الظاهري. فالتحالفات في هذه الصراعات تتبدل وفقاً للمصالح، وهو ما يجعل فهم من يقف مع من، ومن ضد من أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد.
ختاماً” يبقى السؤال المطروح دائماً وهو: إلى أي مدى تم التخطيط لأحداث 11 سبتمبر و7 أكتوبر؟ وهل ما نشهده الآن من صراعات هو جزء من أجندة عالمية أكبر تهدف إلى إعادة تشكيل النظام الدولي؟ ربما يكمن الجواب في فهم القوى التي تحرك هذه الأحداث والمصالح الخفية التي تسيطر على العالم من وراء الكواليس. وفي النهاية، يبدو أن هذه الصراعات ستستمر ما دامت المصالح الإقتصادية والجيوسياسية هي التي تحكم المشهد الدولي.