أخبارعربية

سيناريوهات «اليوم التالي» في سوريا تتأرجح بين المصالحة والعنف وعودة داعش

كتبت/مرثا عزيز

قبل نحو أسبوع فقط، لم يكن من المتوقع أن تتمكن المعارضة السورية من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد الذي امتد لقرابة ربع قرن، لتكتب سيناريو جديد سيشكل نقطة تحول في تاريخ سوريا.

 

وخلال 12 يومًا فقط (من 27 نوفمبر/ تشرين الثاني حتى 8 ديسمبر/ كانون الأول) تمكنت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) إضافة الى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، من دخول دمشق و«بدء عهد جديد» في سوريا.

 

وتعد هذه التطورات المسارعة والأحداث المتلاحقة، بمثابة تغير لم تعهده سوريا منذ عقود، ولكنه يطرح عدة تساؤلات وسيناريوهات قد تبدو معقدة حول «اليوم التالي» في البلاد وما ستشهده الساحة السورية خلال الفترة المقبلة بعد رحيل نظام الأسد.

 

انتقال السلطة

ويتعلق أحد السيناريوهات بانتقال سلس للسلطة، خاصة في ظل النبرة الدبلوماسية والتصالحية التي تبنتها هيئة تحر ير الشام وزعيمها محمد الجولاني.

 

وقال جوشوا لانديس الخبير في الشأن السوري ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما لرويترز« السؤال الجاد هو إلى أي مدى سيكون هذا الانتقال (للسلطة) منظما وسلسا.. يبدو بوضوح أن الجولاني يتطلع بشدة إلى أن يكون انتقالا منظما».

 

وأضاف أن الجولاني لا يرغب في إعادة الفوضى التي شاعت في العراق في 2003.

 

يتوافق ذلك مع جاء في بيان ائتلاف المعارضة السورية اليوم الأحد والذي قال فيه إنه سيواصل العمل من أجل «إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة».وأضاف أن «الثورة السورية العظيمة» انتقلت من مرحلة النضال «لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سويا يليق بتضحيات شعبها».

 

وكانت المعارضة قد تعهدت في بيان إعلان سقوط نظام الأسد التزامها بـ«ببناء دولة حرة، عادلة، وديمقراطية، يتساوى فيها جميع المواطنين دون تمييز». كما تعهدت بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها السعي لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، و«إعادة اللاجئين والمهجّرين إلى ديارهم بأمان وكرامة».

 

معضلة للقوى الغربية

وفي ظل حالة من الابتهاج تشهدها سوريا بعد رحيل الأسد، إلى أن هذا لايزال محفوفًا بالحذر وفقًا لتحليل نشرته «فاينانشال تايمز».

 

وأوضحت الصحيفة أن سقوط نظام الأسد السريع، «سيُسجل في تاريخ المنطقة» كواحدة من أكبر المفاجآت خاصة أن ائتلاف المعارضة السورية تمكن خلال أقل من أسوعين فقط، من تحقيق ما لم يحدث خلال 13 عامًا من الحرب الأهلية المروعة.

 

ولكن الصحيفة قالت إن الجولاني البالغ من العمر 42 عاماً إذا نجح في تحقيق طموحه بالوصول إلى الحكم، فإن ذلك سيخلق معضلة للقوى الغربية والمنظمات الدولية حول كيفية التعامل معه ومع هيئة تحرير الشام.

 

وهيئة تحرير الشام هي أقوى جماعة معارضة وارتبطت بتنظيم القاعدة وكانت تعرف باسم جبهة النصرة إلى حين أن قرر زعيمها الجولاني قطع العلاقات مع التنظيم المتشدد في 2016. وصنفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

 

ورصدت الولايات المتحدة قبل سنوات مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الجولاني، لكنه يبرز الآن كـ«صانع قرار رئيسي» وفقًا للصحيفة.

 

كما أن هناك مخاوف لدى بعض السوريين من الحركة ستفرض حكماً ديكتاتوريا أو تحرض على عمليات انتقامية، حسبما أفادت «رويترز». كما أن هناك حالة من القلق بشأن خطط الحركة بعد إسقاط النظام، وفقًا لتقرير نشرته «بي بي سي».ووفقًا لصحيفة «فاينانشال تايمز» فإن دولاً مجاورة لسوريا، ومنها الاحتلال إسرائيلي، ستتوخى الحذر في التعامل مع التطورات في سوريا، خاصة وأنها تنظر إلى الحركات الإسلامية باعتبارها قوى مزعزعة للاستقرار.

 

الاختبار الحقيقي

ولكن هيئة تحرير الشام التي سعت إلى تقديم نفسها كحركة إسلامية أكثر عتدالاً ليست سوى واحدة من فصائل المعارضة العديدة التي شاركت في إسقاط نظام الأسد. وأشارت «فاينانشال تايمز» إلى أنه سبق واشتبكت الفصائل المختلفة مع بعضها البعض، وهو سيناريو مطروح يثير مخاوف عدة من وقوع أعمال عنف.

 

وأوضحت الصحيفة أنه رغم التنسيق الواضح بين فصائل المعارضة مؤخرًا إلا أن الاختبار الحقيقي سيكون عندما تسعى الفصائل إلى تقاسم غنائم النصر والسلطة.

 

عودة داعش!

وإلى جانب خطر اندلاع اشتباكات بين الفصائل وحرب أهلية جديدة، فإن هناك مخاوف من أن يسعى تنظيم داعش – الذي كان يسيطر على أجزاء كبيرة من شمال وشمال شرق سوريا – إلى استغلال الفوضى والعودة من جديد.

 

وقد حذرت الولايات المتحدة بالفعل من هذا السيناريو، قائلة إن الظروف الفوضوية في سوريا تتيح لتنظيم داعش «مساحة لإيجاد فرصة ليكون نشطا ويخطط لعمليات في الخارج». وأكدت واشنطن على بقائها في شرق سوريا على وجودها ومواصلة العمل على إضعاف قدرات التنظيم.

 

التحدي السوري

وتعزز هذه الظروف مخاوف من احتمال قيام دولة هشة في ظل فوضى عارمة مع تصدر هذه الجماعات المشهد في سوريا، كما يمكن أن تؤدي التغييرات الدراماتيكية إلى فراغ خطير في السلطة وتقود في نهاية المطاف إلى الفوضى والمزيد من العنف بحسب «بي بي سي».

 

إن التحدي الذي يواجه سوريا الآن بعد الإطاحة بالأسد، هو ما إذا كان بإمكانها تجاوز العقبات وتجنب المشاكل التي عصفت بها وبدول أخرى بالمنطقة بعد ما عرف بثورات الربيع العربي عام 2011، والبدء في عملية لإعادة البناء والمصالحة وسط ترقب دولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى