أخبار عالمية

الحرائق تلتهم لوس أنجلوس الأميركية

محمد حسونه
واصلت الحرائق الهائلة في لوس أنجليس تمدّدها الخميس، حيث أتت على منازل ومركبات وتسبّبت بإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وبسقوط خمسة قتلى على الأقلّ.
وبقي الحريقان الرئيسيان المستعران في المدينة خارجين عن السيطرة الخميس.
«الأكبر والأكثر تدميرا»
وفرّ أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم بسبب الحرائق التي تزيد من شدّتها رياح عاتية في ثاني كبرى المدن الأميركيّة.
وبعد ظهر الخميس، لم تكن قد تمت بعد السيطرة على الحريق في حي باسيفيك باليسايدس الراقي، حيث منازل أصحاب الملايين والمشاهير، الواقع بين ماليبو وسانتا مونيكا، وذلك رغم إرسال تعزيزات شملت مروحيات عملت على رش المياه.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة: «هذه هي أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرًا في تاريخ كاليفورنيا».
كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».
وقالت السلطات المحلية الخميس إنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ ثلاثة أيام.
وأوضحت السلطات: «هناك نحو 400 عنصر من الحرس الوطني في جميع أنحاء الولاية (كاليفورنيا) مستعدون لدعمنا. ونتوقع أن يكونوا في الموقع في وقت مبكر من مساء اليوم (الخميس)».
هوليوود في مواجهة اللهب
في هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهددة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقًا للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس.
وتؤثر الحرائق في النشاط السينمائي في هوليوود. فقد توقف تصوير أفلام ومسلسلات عدة، فيما أُغلق متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي في هوليوود.
وأُرجئ إعلان الترشيحات لجوائز الأوسكار إلى 19 كانون الثاني/يناير بدلًا من 17 منه، فضلًا عن مراسم توزيع جوائز النقاد التي كان يفترض أن تُقام الأحد. وبين من طُلب منهم إخلاء المناطق المنكوبة العديد من نجوم هوليوود.
وكشف مارك هاميل، أحد أبطال سلسلة «ستار وورز»، عبر إنستغرام، أنه غادر الثلاثاء منزله في منطقة ماليبو الراقية.
«لم يبق سوى الرماد»
وقال وليام غونزاليس، الذي وضع كمامة سوداء أمام منزله الذي تحول رمادًا في مدينة ألتادينا في شمال لوس أنجليس: «فقدت كل شيء تقريبًا. النيران أحرقت كل أحلامي ولم يبق سوى الرماد».
وقضى 10 أشخاص على الأقلّ في هذه الحرائق الهائلة المستعرة في محيط لوس أنجليس، والتي هدّدت حيّ هوليوود الشهير.
وقالت رئيسة بلدية المدينة كارين باس، خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، إن لوس أنجليس تشهد «رياحًا بقوة إعصار تترافق مع جفاف حاد جدًا».
واندلع حريق أول صباح الثلاثاء على تلال حي باسيفيك باليسايدس الراقي، الذي يضم منازل مشاهير وكثيرًا من الدارات التي يُقدّر ثمنها بملايين الدولارات. وقد أتت الحرائق على 6500 هكتار وأكثر من ألف عمارة.
وبدأت النيران تنتشر لاحقًا في تلال هوليوود، على بعد مئات الأمتار من جادة هوليوود بولفارد ومسرح «تشاينيز ثياتر» الشهير.
حرائق «غير مسبوقة»
وتكاثرت بؤر الحرائق وامتدت إلى الضواحي الشمالية للمدينة وراحت تنتشر أحيانًا بسرعة فائقة. وتخشى السلطات ارتفاع حصيلة الضحايا.
وقال أنتوني مارونه، رئيس فرق الإطفاء في لوس أنجليس: «ليس لدينا عدد كافٍ من عناصر الإطفاء في منطقة لوس أنجليس لمواجهة هذا الوضع».
وأوضح الحاكم الديمقراطي لولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، مساء الأربعاء، أن «أكثر من 7500 إطفائي» أتى بعضهم من ولايات أخرى، يكافحون هذه الحرائق «غير المسبوقة».
وأحد الضحايا الخمس من سكان ألتادينا ويدعى فيكتور شو، وقد حاول حتى النهاية حماية منزله من النيران.
وقال صديقه آل تانر، الذي عثر على جثته التي كانت لا تزال تمسك بقسطل الري لمحطة تلفزيونية: «يبدو أنه حاول إنقاذ المنزل الذي يملكه والداه منذ أكثر من 55 عامًا».
ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه، لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران في باسيفيك باليسايدس.
ترامب يهاجم الديمقراطيين
ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصًا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديمقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك».
في الواقع، تُستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس، والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.
حرائق جنوب كاليفورنيا (رويترز)حرائق جنوب كاليفورنيا (رويترز)
ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهنًا. وبعدما خصص مساعدات فدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا الخميس، على ما أعلن البيت الأبيض.
واستغلّ الرئيس المنتخب الحرائق لمهاجمة المعسكر الديمقراطي، وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا، الذي يُعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.
وكتب ترامب الخميس على «تروث سوشال»: «ينبغي لحاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم أن يستقيل. فالذنب ذنبه»، وكان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدنونيوسوم».
وكان الملياردير الجمهوري، الذي سينصّب رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية في 20 كانون الثاني/يناير، قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديمقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفدرالية في حال اندلاع حرائق إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.
أما حليف ترامب الكبير إيلون ماسك، فنشر رسائل على شبكة «إكس» تندّد بدور البشر في مفاقمة التغير المناخي، وتربط بلا أيّ أدلّة بين نطاق الحرائق وسياسات التنوّع في توظيف عناصر الإطفاء في لوس أنجليس، أو تستنكر الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا.
والرياح التي تهب راهنًا معروفة باسم «سانتا آنا»، وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء الأرصاد الجوية.
وتشكّل هذه الرياح كابوسًا للإطفائيين، لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدًا أدت إلى إنعاش الغطاء النباتي، الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير العلماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى