منوعات

عندما يكون الربيع العربي بنكهة فرنسية

محمد حسن حمادة

فرنسا علي صفيح ساخن، باريس تشتعل
كانت هذه مانشيتات صحف العالم في الأسابيع الماضية فلاحديث يعلو فوق حديث باريس وستراتها الصفر.
فمن يصدق أن مدرعات الجيش الفرنسي في قلب باريس؟
ومن يصدق أن عاصمة النور والجن والملائكة والآداب والعلوم والفنون والإتيكيت والموضة والفن والجمال والحب والرومانسية تصبح بين عشية وضحاها مدينة بلا قلب، مدينة مغلقة محصنة بالدبابات وجنود الشرطة والمتاريس؟
من يصدق أن موطن فولتير وفيكتور هوجو وجان بول سارتر في مهب الريح؟
من يصدق أن باريس المدينة المنفتحة علي العالم تصبح مغلقة ومنعزلة عن العالم بل حتي عن أهلها تسيطر عليها القبضة الأمنية التي أصبحت تتصدر المشهد، بعدما حشدت الشرطة الفرنسية 89 ألف شرطي للحفاظ علي الأمن أثناء فترة احتجاجات الأسبوع الرابع علي التوالي للحد من وصول المحتجين؟

من يصدق أن البلد التي صدرت الثورة الفرنسية بمبادئها الخالدة التي دعت للحرية والإخاء والمساواة تضيق الخناق علي حرية الرأي والتعبير، لينزع أصحاب السترات الصفر عن فرنسا وجهها الديمقراطي الجميل ويظهروا وجهاً ديكتاتورياً لم نعهده إلا في عواصمنا العربية.

أصابع الاتهام تشير إلي دول وعناصر أجنبية تعبث بالأمن القومي الفرنسي، نفس تبريرات الحكومات العربية التي زارها الربيع العربي.

رئيس وزراء فرنسا في موقف لايحسد عليه وخاصة بعد تصريحه الذي جانبه الصواب (نحن نتعامل مع مخربين لا متظاهرين) فهل سيكون هو كبش الفداء؟

أما ماكرون فيقف علي الحافة، كنت قبل هذه الأزمة متحمساً للرئيس الشاب ماكرون واعتقدت أن هذه التجربة الفرنسية ستكون تجربة ديمقراطية ملهمة ومميزة وسُتحدث ثورة أخري في العالم كما الثورة الفرنسية، وستنجح فرنسا في تصدير هذا النموذج إلي كل دول العالم،
فبعد فوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة كان قادة الاتحاد الأوروبي يسوقون لنجاح ماكرون علي أنه فوز ساحق لأوروبا الموحدة وانتصار علي اليمين المتطرف الذي يدعو للخروج من الاتحاد الأوروبي والحفاظ علي الدولة الوطنية الموحدة والهوية الوطنية، فما موقفهم الآن بعدما غزت السترات الصفراء ثلاث دول علي رأسها فرنسا أحدي قاطرات الاتحاد الأوروبي ومحطته الأهم، فهل هذا إيذاناً بتصدر اليمين المتطرف وعودته للمشهد ثانية؟

فشل ماكرون إلي الآن في التعامل مع أصحاب السترات الصفراء وعدم تقديره للأزمة التي قد تعصف به وتودي ببلاده إلي نفق مظلم بل وقد تكون سهماً آخر مسموماً يخترق جسد الاتحاد الأوروبي الذي مازال يترنح بعد طعنة بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي، أجبرني آداء ماكرون علي مقارنته بقامات فرنسا الكبري كشارل ديجول وميتيران وغيرهم فوجدته قزماً يبعث حاله علي الرثاء والشفقة.

يبقي عدة تساؤلات محلية ملحة هل تستيفد مصر من ربيع فرنسا؟
هل عرفت حكومتنا الموقرة قيمة الشعب المصري؟
هل مازال لديها خطط مستقبلية للسير قدماً لرفع ماتبقي من الدعم؟
هل مازالت تراهن علي صبر الشعب المصري؟
أم سيقولون لنا أن مصر ليست كفرنسا؟


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى