مقالات

الإسلام ( أخلاق ومكارم وعفو ) قصة إسلام سفانة بنت حاتم الطائي وقبيلتها

د.صالح العطوان الحيالي
في السنة التاسعة للهجرة ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في سرية إلى الفلس والفلس صنم لطي ، سلمه راية سوداء ولواء ابيض، شنوا الغارة على محلة ال حاتم مع الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملاوا ايديهم من السبي والنعم والشاه ومن بين السبايا بنت اسمها سفانة فمن هي سفانة ..
سفانة بنت حاتم بن عبدالله بن سعد بن الحشر ج بن امريء القيس بن عدي بن اقرم بن أبي اقرم بن ربيعة بن نوفل بن عمرو بن الغوث بن طي .
ولدت في حائل عرفت بأنها من ذوات الفصاحة والبلاغة والجود والكرم وكانت ذات عقل ووقار وقد وهبها أبوها كثير من الابل وقال لها يوما يا ابنتي لا يصح أن يجتمع كريمان على مال واحد فينتهي عندهما المال فالأفضل أن ترفعي يدك عن الكرم وانا ابقى على حالي أو أرفع يدي وتبقين انت فقالت لا أرفع يدي ابدا ..
تلقب بالكريمة بنت الكريم
لما جيء بسبايا بني طيئ إلى المدينة المنورة وأدخلن السبايا على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، دخلت مع السبايا “سفانة بنت حاتم الطائي” وكانت أمرأة عيطاء . لعساء ، عيناء
– العيطاء : هي الطويلة المعتدلة بين النساء .
– اللعساء : جميلة الفم والشفتين .
– العيناء : واسعة العينين .
فعجب الحاضرون من حسنها وجمالها . ولما تكلمت نسوا حسنها وجمالها ، لحلاوة منطقها وجمال فصاحتها !
فقالت :
يامحمد … هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي الأعداء من قبائل العرب ، فأني ابنةُ سيد قومه ، وأن أبي كان يُحب مكارم الأخلاق ، وكان يُطعم الجائع ، ويفكُ العاني ويكسو العاري ، وما أتاهُ طالب حاجة إلا ورّدهُ بها معززاً مكرّماً ..
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
من والدك و من وافدك ؟
قالت :
والدي حاتم بن عبدالله الطائي ، ووافدي أخي عدي بن حاتم .
[وكان عدي قد فرّ الى الشام بعد هزيمة قبائل بني طيء أمام المسلمين في السنة التاسعة من الهجرة ، ثم تنصّر هناك والتجأ إلى ملك الروم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
فأنت أبنة حاتم الطائي ؟
قالت :
بلى..
فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
يا سفانة ..هذه الصفات التي ذكرتِها إنما هي صفات المؤمنين ، ثم قال لأصحابه :
أطلقوها كرامة لأبيها لأنه كان يحب مكارم الأخلاق!!
فقالت :
أنا ومن معي من قومي من السبايا والأسرى ؟
:فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها ، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم :
ارحموا ثلاثاً ، وحق لهم أن يُرحموا :
عزيزاً ذُلَّ من بعد عزّهِ ، وغنياً افتقر من بعد غناه ، وعالماً ضاع ما بين جُهّال .
فلما رأت سفانة هذا الخلق الكريم الذي لايصدر إلا من قلبٍ كبير ينبض بالرحمة والمسؤولية ،
قالت وهي مطمئنة :
أشهد أن لاإله إلا الله…..وأشهد أن محمداً رسول الله .
وأسلم معها بقية السبي من قومها ، وأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماغنمه المسلمون من بني طيئ إلى سفانه . ولما تجهزوا للرحيل قالت سفانة : يارسول الله إن بقية رجالنا وأهلنا صعدوا إلى صياصي الجبال خوفاً من المسلمين فهل ذهبت معنا وأعطيتهم الأمان حتى ينزلوا ويسلموا على يديك فأنه الشرف ؟ فقال
(صلى الله عليه وآله وسلم):
سأبعث معكم رجلاً من أهل بيتي يحمل إليهم أماني
فقالت من هو يارسول الله ؟
قال: علي بن أبي طالب..
ثم أمر النبي أن يجهزوا لها هودجاً مبّطناً تجلس فيه معززة مكرمة وسَيَّرَها مع السبايا من قومها ومعهم علي بن أبي طالب عليه السلام حتى وصلوا إلى منازل بني طيء في (جبل أجأ)
ونادى علي بن أبي طالب عليه السلام بأمان رسول الله بأعلى صوته حتى سمعه كل من في الجبل ، فنزلت رجال طيء وفرسانها جماعات وفرادى إلى الوادي . ولما وقعت أبصارهم على نسائهم وأبنائهم وأموالهم وقد عادت إليهم بكوا جميعاً والتفوا حول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهم يرددون الشهادتين ، فلم يمض ذلك اليوم إلا ودخلت كل قبيلة بني طيء في الإسلام ، ثم بعثت سفانة الى أخيها عدي تخبره عن عفو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكرمه وأخلاقه ، وحثـّتهُ على القدوم إلى المدينة المنورة ومقابلة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم والإعتذار منه والدخول في الإسلام ، فتجهز عدي من ساعته وقصد المدينة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأشهر اسلامه بين يديه الشريفتين ،ثم عاد الى قومه معززاً مكرماًً وصار بعد ذلك من خيار المسلمين ..
هكذا نرى كيف أن هذا الخُلُق النبوي قد جعل من الناس العصاة بشراً طائعين مسلمين .
هذا هو الإسلام الحقيقي أخلاق ومكارم وعفو) ، وليس تسلط وشهوةً وسلطةً واحتكاراً وإذلالاً وسفك دماء ، ومن تخلّق بعكس ذلك فهو ليس من الإسلام في شئ …
المصادر
سير إعلام النبلاء
الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر
الاخبار الموفقيات الزبير بن بكار
مجمع الأمثال
معرفة الصحابة لأبي نعيم
الطبقات لابن سعد
أسد الغابة ابن الأثير
دلائل النبوة للبيهقي
تاريخ دمشق لابن عساكر
السيرة النبوية لابن هشام
السيرة الحلبية
المغازي
السرايا النبوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى