أدب

أتحدّاكمْ

اسامة مصاروة

أتحدّاكمْ لن أكرهكمْ / مع أنَّ لِقلبي ألفُ سببْ
والأنكى أنتمْ يوميًا / تأتونَ بفاحشةٍ أصعبْ
وأنا أتحدّاكم أيضًا / لنْ أكرهَكمْ دينًا أو شعبْ
ولأنّي إنسانٌ إنسانْ / قلبي لا يعرِفُ إلّا الحبْ
يتساءلُ عن أسرار الخوفْ / فالخوفُ يلازمُكمْ بالْغَصبْ
يتساءلُ عن أسبابِ الحِقْدْ / لِمَ هذا النهجُ وهذا الدربْ
لِمَ هذا الغلُّ وهذا الفِكرْ / إنّي والربِّ لأسْتغْرِبْ
ما بينَ الفيْنةِ والأخرى / حربٌ قتلٌ هدمٌ وشَغبْ
حتى الإعلامي قد يُقتلْ / إنْ جاءَ ليكشِفَ غدرَ الضَّبْ
إنْ يشعُرْ جنديٌّ بالخوفْ / فالقتلُ مُباحُ بل وَوَجبْ
وإذا لم يقتلْ باسمِ الخوفْ / فالأمرُ يُرى خزيًا أو عيبْ
لن أكرهَكمْ مهما يفعلْ / ببني شعبي جيشُ عقْرب
لنْ أكرهكمْ قلبي كالبحرْ / لكنْ لا يفهمُ أمرَ الذئبْ
يبكي يستنجِدُ أوْ يشكو / ويطالبُ بالخرفانِ الربْ
قد جاء لحارتنا مظلومْ / مغدورًا مضْطهدًا مُتْعبْ
فأقامَ هنا بيتًا ووطنْ / بمجازرَ كمْ منها جرَّبْ
لكنَّ الذئبَ غدا أقوى / بل أشرسَ نابًا أو مخلبْ
لن أكرهكم لن أكرهكم / فأنا للسلمِ أجلْ أقربْ
وأنا حقًا حقًا أُشْفِقْ / بالأصل على من يهوى الحربْ
مِنْ حربٍ يخرجُ للأخرى / فالحربُ غدتْ هدفًا وأَرَبْ
مَنْ يحيا يا ويلي بالسيفْ / مَنْ مِنْ سلمٍ يلقى المهربْ
للحربِ لهُ دومًا أسبابْ / وعليها يبني ما يرغب
للسلمِ الحقِّ فلا يسعى / فالحربُ لديْهِ هي المطلبْ
مَنْ يذكُرُ أسماءً لحروبْ / لمْ يبقَ شعارٌ لم يُكتَبْ
أتحدّاكم لن أكرهَكمْ / في القلبِ هنا لومٌ وعتَبْ
في القلبِ صراعٌ لا يخبو / بل يغدو يوميًا أرحبْ
فالحقدُ يشرِّعُ ما يرجو / ورجاءُ الذئبِ لنا أغربْ
فقويُّ اليومِ هو القاضي / وهو الجلّادُ هو الأعجبْ
ينهى عن حقٍّ يعرفُهُ / ويُشرِّعُ نارًا ذاتَ لهبْ
ولمغتصِبٍ يقضي بالحقْ / في قتلِ الناسِ وإنْ يكذبْ
لا تنسوْا انّي لا أكرهْ / وأقولُ الحقَّ ولا أرهبْ
بدوافعَ خيرٍ ما أكتُبْ / ففؤادي عينٌ لا تنضُبْ
لكنّي أعرفُ ما تُخفونْ / في عُمقِ النفسِ وعمقِ القلبْ
مع أنّي ويلي لا أفهمْ / لِمَ صارَ الظُلْم لكمْ مشربْ
بل كيفَ غدا سلبُ الآخرْ / أمرًا مفهومًا لا يُشْجبْ
أو كيفَ غدا نهبُ الآخرْ / حقًا لذئابٍ كيْ تنهبْ
أتحدّاكمْ لا أكرهَكمْ / مع أنَّ لكمْ جيشًا يطربْ
إنْ يَقتلْ طفلًا أو يجْرحْ / أو يقتلْ شيخًا قد يغضبْ
إن يقطعْ مُغتصِبٌ أشجارْ / أوْ جاءَ لبيتٍ قد خرَّبْ
أَلَكمْ ربٌ لا يرحَمُنا / إنْ نُقتلْ أو حتى نُصلبْ
جنديٌّ يلهو إذْ يقتُلْ / فالقتْلُ مباحٌ في الملعبْ
والملعبُ أرضٌ مسلوبةْ / أرضٌ لِضعيفٍ لا يهرُبْ
فليفهمْ من منكمْ يفهمْ / معْ أنَّ الأمرَ بعلمِ الغيْبْ
إنّا أصحابُ نُهىً وكتابْ / وحضارةِ أجيالٍ وأدبْ
لا القتْلُ ولا التشريدُ لنا / سيُؤثِّرُ فينا نحنُ عربْ
للسلمِ بلا غدرٍ نسعى / والسلمُ لديكمْ نهجُ خُطبْ
أتحدّاكم لنْ أكرهَكمْ / مع أنَّ لقلبي ألفَ سببْ
د. أسامه مصاروه
لا يتوفر وصف للصورة.
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى