Uncategorized

المستشار / صلاح رسلان يكتب عن المشاهير والأعلام

 

بقلم المستشار صلاح رسلان
متابعة إعلامية امل كمال

 

 

يذكر أنه … لما أدخلت الرؤوس على يزيد بن معاوية كان رأس الحسين في أولها وقد وضع في طشت أمامه ثم أخذ يتخطى بقية الرؤوس متفحصا وهي مرفوعة على الرماح وأخذ يسألهم عن أصحابها فيجيبوه … هذا فلان وهذا فلان وبينما هو كذلك إذ لفت انتباهه رأس مهيب موضوع في سلة معلقه في عنق الجواد (( وكانت هذه عادة العرب في ذلك الوقت لحمل رأس القتيل الذي لم يهزمه أحد في المعارك … حيث يعلق في عنق الجواد فخرا بقتله )) …
فتسمرت أقدامه أمام ذلك الرأس منبهرا ومتعجبا … فقد كان يشع بالنور والجمال رغم عظيم جراحاته …
إقترب منه وشاهد سهمآ مكسورآ في عينه اليمنى وقد شج العمود هامته بجرح بليغ قاتل كما نالت السهام والرماح منه بشديد الجراح … سألهم اللعين لمن هذا الرأس “
فأجاب أحدهم : ” إنه رأس العباس بن علي قال يزيد وماكان شانه
فقالوا له : ” لقد كان قائد القلب لعسكر أخيه الحسين … وحامل لوائه
سأل : أين اللواء ؟ فأجابوه إنه مع الغنائم أيها الأمير فقال لهم : علي به
ثم رجع الى مجلسه أمام الرؤوس فأتاه اثنان من الجند يحملان اللواء وكان يتمايلان به يمينآ وشمالا لثقله حتى إنتهوا به إلى يزيد … ووضع بين يديه فنظر إلى اللواء وقد هاله ما رأى من الضرب والتمزيق وأثار السيوف والرماح والنبال وقد ملأته تلك الندب إلا موضعا صغيرا منه بقي سالما وقد طبعت على مقبضه الحديدي قبضة كف أبي الفضل …العباس بن على كانت تلك اللحظة خارج شعور يزيد حيث سيطرت عليه هيبة هذا المقاتل الفريد فنهض وقال مقولته الشهيرة التي حملها التاريخ : (( ” أبيت اللعن عباس … هكذا يحمل اللواء وإلا فلا )) … ثم التفت إلى أصحابه وسألهم : ” كيف كان قتال القوم ” … فأجابه الشمر بن ذى الجوشن عليه لعنة الله متملقا كعادة الجبناء … ونطق بالكذب ليغطي على ذل الهزيمة وعار الغدر … متبجحا بنصر مصطنع يشوبه الغدر والجبن والخيانة فقال : ” لقد كانه شربة ماء أيها الأمير ” وأيده خولي بن يزيد الأصبحي قائلا … ” كأنه لقمة طعام ” ثم قال آخر : ” كأنه حلبة صيد يسير ” … ولكن يزيد إنتبه الى فارس يقف قربهم كان يهز راسه معترضآ وقد بدى عليه العجب مما يقولون … فسأله يزيد : ” ماقولك أنت فلم يجب فعاد عليه يزيد ماقولك فقال الرجل إلي الأمان أيها الأمير قال يزيد : ” لك الأمان … تكلم ” فقال والله : لقد برز لنا قوم مرغوا الأرض بدمائنا … وأشار إلى رأس العباس بن علي وقال : لما برز لنا صاحب هذا الرأس فررنا بين يديه كالجراد وكنا مابين هارب ومقتول … لقد وقف في الميدان ودعا خيرة أبطالنا للمواجهة فلم يسلم منه أحد ثم توجه الى النهر وكشف الكتائب وهزم الفرسان ولم يثبت له أحد حتى ملك الفرات بسيفه … وملأ القربة فقاطعه يزيد سائلا : وكيف قتل : فأجابه الفارس وقد طأطأ راسه إلى الأرض قتل غدرا … لقد أطلقنا عليه آلآف السهام فلم يرتدع وأحاط به الجيش بين ضرب السيوف وطعن الرماح ورشق النبال والحجارة فلم ينكسر ولم نتمكن من القربه حتى قطعنا كفيه غدرا وبينما هم كذلك إذ علا صوت نحيب وبكاء من بين السبايا إنتبه يزيد لذلك وسأل : من هذه الباكية فقيل له : إنها زينب بنت علي بكت لما سمعت موقف أخيها وما جرى عليه فما كان من يزيد وقد انتبه إلا أن دفع لهم باللواء قائلا ابعثوا اليها بلواء أخيها أمامنا لننظر ماتصنع به وكان بذلك يريد التشفي منها فانتهوا إليها بذلك اللواء فلما أخذته ضمته إلى صدرها ووضعت وجهها على مقبض اللواء تشمه وتقبله وتغمره بدموع عينيها وهي تبكي بكاء يشق القلوب ويقرح الجفون وهي تقول فداك نفسي ياكفيلي أين أنت عن أختك …
رضى الله عنه فهو من شهداء يوم عاشوراء في كربلاء العباس بن على بن أبى طالب حامل اللواء الفارس العالم القسيم الوسيم الجسيم ولد عام 26 من الهجرة النبوية واستشهد في كربلاء عام 61 هجرية وهو فى الخامسة والثلاثين من عمره يكنى بأبي الفضل وهي أشهر كناه ولقب بمجموعة من الألقاب تحكي عظم شخصيته، منها: قمر بني هاشم باب الحوائج الشهيد. سبع القنطرة السقّاء وذلك لما قام به من إقدام وبذله من تضحيات في جلب الماء إلى معسكر الحسين ولقب بالعبد الصالح وصاحب اللواء
أما عن أمه فهى أم البنين فاطمة الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها
ليس العباس بطلا فحسب انما كان عالماً فاهماً لشرع الله وسيرة رسول الله.
ويذكر أنه لما طلب الحسين من أصحابه الرحيل قام إليه العباس فقال: ” ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.”
رضى الله عن آل بيت رسول الله وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ولعن الله قاتليهم وباغضيهم عدو الله اليزيد ولا أزيد وقائد جيشه عبيد الله بن زياد وقاطع الرؤوس شمر بن ذى الجوشن ومن كان معهم أو أيدهم أو أقرهم فى ذاك اليوم الحزين يوم كرباء إذ الكر والبلاء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى