قصة

من التاريخ الاسلامي المشرق “عثمان بن عفان وتجهيزه جيش العسرة “

د.صالح العطوان الحيالي
وقعت غزوة تبوك والتي تسمى أيضا بغزوة العسرة في الثامن من رمضان من العام ٩ للهجرة ٦٣٠ ميلادية وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس جيش من المسلمين سمي بجيش العسرة لان الذهاب والمسير كليهما في وقت عسرة الناس وشدة الحر والجدب وقلة الثمار والمال ….. أطلق القرآن الكريم على غزوة تبوك بالعسرة فقال تعالى ( لقد تاب الله عن النبي والمجاهدين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ) …
في العام التاسع للهجرة ولى ( هرقل ) الامبراطور الروماني وجهه المتأمر صوب الجزيرة العربية متلمظا برغبة شريرة في العدوان عليها والتهامها …. لقد كان الدين الجديد برسوله العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله الشجعان البواسل قد ملآوا حياته وحياة بيزنطة كلها خوفا وقلقا …… وكان الامبراطور يومئذ منتشيا بنصره على الفرس ومن ثم قرر ان يسير بجيشه إلى هذه الامة الجديدة في بلادها وديارها ….. وفعلا امر قواته بالاستعداد وانتظار اوامره بالزحف …… وترامت الانباء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى اصحابه بالتهيؤ للجهاد ….. كان الصيف حار جدا يصهر الجبال ، وكانت البلاد تعاني الجدب والعسرة .. فإذا قاوم المسلمون بإيمانهم وطأة الحر القاتل وخرجوا إلى الجهاد فوق الصحراء الملتهبة ، فمن اين لهم العتاد والنفقات المبهظة التي يتطلبها القتال … لقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه على التبرع ، فاعطى كل قدر وسعه ، وسارعت النساء بالحلي يقدمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعين به في إعداد الحملة .. بيد ان التبرعات جميعها لم تكن لتغني كثيرا امام المتطلبات الهائلة للجيش الكبير … هذا الجيش الذي نعت يومئذ ( بجيش العسرة ) … ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصفوف الطويلة العريظة من الذين تهيأوا للقتال وقال صلى الله عليه وسلم (( من يجهز هؤلاء ، ويغفر الله له )) ….ما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حتى سارع إلى مغفرة من الله ورضوانه … وهكذا وجدت العسرة الضاغطة ((عثمانها )) المعطاء … فقام رضي الله عنه ، حتى لم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقال ….!! يقوا ابن شهاب الزهري (( قدم عثمان رضي الله عنه لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة واربعين بعيرا وستين فرسا ، اتم بها الالف ))…!! ويقول حذيفة رضي الله عنه (( جاء عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة بعشرة الاف دينار صبها بين يديه ، فجعل صلى الله عليه وسلم يقبلها بيده ويقول : غفر الله لك يا عثمان ما اسررت وما اعلنت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة )) …. ويقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (( شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاءه عثمان بن عفان رضي الله عنه في جيش العسرة بسبعمائة اوقية من الذهب )) …..مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس جيشه المسلم حتى وصل موطئا يدعى ( تبوك ) في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق … وهناك جاءته الاخبار مبشرة بأن الامبراطور الذي كان يعد العدة للزحف من دمشق ، قد ثلم الله عزمه ، وغادر دمشق نافضا يديه من محاولته اليائسة بعد ان علم بخروج النبي واصحابه إليه … حمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن كفى المؤمنين القتال ورجع الجيش بكامل عتاده الذي امده به عثمان رضي الله عنه ….. فهل استرجع من ذلك شيئا ، هل استرد منها قرشا او بعيرا او خطاما …؟ كلا وحاشاه ان يفعل … ولقد ظل كما كان دوما سريع التلبية لكل ايماءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني جديدا من البذل ومزيدا من العطاء . هذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه
المصادر
المغازي الواقدي
تاريخ الرسل والملوك الطبري
السيرة النبوية لابن هشام
تاريخ الصحابة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى