منوعات

المستشار صلاح رسلان يكتب عن صور الجن وأشكاله

 

بقلم المستشار صلاح رسلان
متابعة إعلامية امل كمال

أولا : الصورة التى خلق الله الجن عليها
الحق أنه لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه رأى إبليس أو رأى أى جنى بصورته التى خلقها الله تعالى ولم يثبت شيء صحيح نستند إليه من شكل معين للجنى فلم يجزم أحد من أهل العلم أن الجنى طويل طول مفرط أو قصير قصر بين أو أنه بعين طولية واحدة أو بقرن أو بقرنين سوى ما ورد من الأحاديث التي يذكر فيها طلوع الشمس وغروبها بين قرني شيطان ما رواه الشيخان واللفظ لمسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: ……. وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وعندما رأى النبى صلى الله عليه وسلم الجن لم تثبت رواية صحيحة أنه وصف أشكالهم أو ربما رآهم بصورة آدميين وهو يؤكد حقيقة مسماهم كما ذكرنا فى معنى كلمة جن . ومصداقا لقوله تعالى ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) وهذا كما ذكر العلماء ومنهم الحافظ ابن حجر في الفتح ” مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها ”
وهذا بخلاف ما ورد في رؤية النبى صلى الله عليه وسلم لسيدنا جبريل في صورته الحقيقة التى خلقه الله عليها فقد قيل أنه رآه مرتين الرؤية الأولى: كانت فى الأرض فى بداية الوحى، ونزلت عليه بعدها سورة المدثرفعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ – أى انقطاع – الْوَحْى فَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِى بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ : زَمِّلُونِى، زَمِّلُونِى، فَدَثَّرُونِى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – إلى – والرجز فَاهْجُر» رواه البخارى ومسلم
وهذه الرؤية هى التى قال الله سبحانه وتعالى فيها: “وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ” التكوير قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : يعنى: ولقد رأى محمدٌ جبريل الذى يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التى خلقه الله عليها له ستمائة جناح، «بِالأفُقِ الْمُبِينِ» أى : البين
أما الجن فلم يثبت فى السنة الشريفة أن أحدا رأى الجن بصورته التى خلق عليها حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم يثبت لهم وصف إلا وصف القرنين فى الحديث المذكور
ثانيا : تصور الجن فى صورة الآدميين
ثبت في السنة وفي الواقع ظهور الجن على صور مختلفة كصور الآدميين والحيوانات وغيرها
أما عن ظهوره فى صورة الآدمى فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ : وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فشكا حاجة وعيالا فرحمه أبو هريرة وتركه حتى تكرر هذا ثلاث مرات وفي الثالثة قال أبو هريرة : لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ : دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا ، قُلْتُ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . وحين أصبح أخبر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما حصل . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ . أتَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : ( ذَاكَ شَيْطَانٌ)
وقد يتصور فى صورة آدمى معلوم فقد روي أن الشيطان ظهر لقريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ، وشجعهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في غزوة بدر فقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره عن عروة بن الزبير ، قال : ( لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر – يعني من الحرب – فكاد ذلك أن يثبطهم ، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي ، وكان من أشراف بني كنانة ، فقال : أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه ! فخرجوا سراعا ) وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ( وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم ……الآية )
وقد يظهر فى صورة أحد الصالحين أو من يظن صلاحه أو يظهر فى صورة أحد رموز أهل طائفة أو ديانة ولقد أضلت الجن كثيراً من الإنس بتصورهم في صور هؤلاء
قال شيخ الإسلام بن تيمية فى مجموع الفتاوى : ” وكثيراً ما يتصور الشيطان بصورة المدعو المنادى المستغاث به إذا كان ميتا وكذلك قد يكون حيا ولا يشعر بالذي ناداه بل يتصور الشيطان بصورته فيظن المشرك الضال المستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه وإنما هو الشيطان ، وهذا يقع للكفار المستغيثين بمن يحسنون به الظن من الأموات والأحياء كالنصارى المستغيثين بجرجس وغيره من قداديسهم ، ويقع لأهل الشرك والضلال من المنتسبين إلى الإسلام الذين يستغيثون بالموتى والغائبين ، يتصور لهم الشيطان في صورة ذلك المستغاث به وهو لا يشعر …. وذكر لي غير واحد أنهم استغاثوا بي ، كلٌّ يذكر قصة غير قصة صاحبه فأخبرت كلا منهم أني لم أجب أحداً منهم ولا علمت باستغاثته ، فقيل : هذا يكون مَلَكاً ، فقلت : المَلَكُ لا يغيث المشرك ، إنما هو شيطان أراد أن يضله ” مجموع الفتاوى
ويقصد بن تيمية من قوله أن الملك لا يغيث المشرك يقصد الشرك الأصغروليس الكفار والمشركين فمن يستغيث بابن تيمية فلا بد أن يكون من أحبابه ومريديه من عوام المسلمين ولكنه جاهل أشرك ابن تيمية مع الله عزوجل في الإغاثة وإجابة المضطر إذا دعاه وهو شركا لا يقصده هذا الجاهل فإن الله تعالى يقول ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ….. أإله مع الله ) فلا شريك له في ذلك
وهكذا بالنسبة لباقى الديانات والعقائد فلا يتصور أن تظهر قديسة ميتة في السماء وينظرون إليها ويلتقطون لها الصور كما يحدث فإن لم تكن خدع بصرية وتقنيات تكنولوجية فهو من هذا الباب
والله أعلمhttps://www.facebook.com/%D8%A3%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%89-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%86-102440052396876/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى