تقاريرسياحه وآثار

إكليل زهور.. يحدد فترة حكم “توت عنخ إمن”

كتب نصر سلامة

يعتبر الملك توت عنخ إمن واحداً من أشهر ملوك مصر والذي تمر ذكري إكتشاف مقبرته خلال هذا الشهر حيث نجح صبي صغير يدعي حسين عبد الرسول من كشف أولي درجات السلم المؤدي الي مقبرته في الرابع من نوفمبر عام ١٩٢٢ م.
وتميزت مقبرة الملك توت عنخ إمن بمحتوي لم يسبق له مثيل من القطع الأثرية والذهبية التي وصل عددها الي أكثر من ٥٠٠٠ قطعة يتقدمهم القناع الذهبي الشهير، ومنذ الكشف عن مقبرة الملك توت عنخ إمن تناول العلماء والباحثين جوانب مختلفة لهذا الملك منها تحديد تاريخ وفاته.
وفي هذا السياق صرح المؤرخ بسام الشماع أن تحديد وفاة الملك الشاب توت عنخ إمن يجب أن تعتمد علي الدراسة والتحليل من واقع دليلين وهما، لوحة حجرية وإكليل الزهور الجنائزي الخاص بالملك.

يشيربسام الشماع بأن الدليل الأول من اللوحة الحجرية وهي لوحة خاصه بالملك توت عنخ إمن والمعروف عند أغلب العلماء انه حكم لمدة حوالى ١٠ سنوات وتوفى فى سن صغيرة عن عمر يناهز حوالى ١٩ عام.

وصف اللوحة:

١- هى لوحة نادرة مصنوعة من الجرانيت الوردي(١٦٦سم × ٨٢ سم × ٢٦سم) مسطيلة الشكل ذو قمة علي شكل نصف دائري من منطقة أبيدوس الأثرية بالقرب من البلينا بمحافظة سوهاج، مسجل عليها مرسوم ملكى عن طريق نقش واضح لنص هيروغليفى .

٢- مسجل بالنص تاريخ التوثيق بشكل دقيق و محدد و سهل الترجمة فى بداية النص و الخرطوش الملكى الذى يحوى اسماء الملك مثل إسم التتويج “نب خبرو رع” و معناه صاحب هيئة رع، و إسم الميلاد و هو “توت عنخ إمن حقا إيون شمع” و معناه الصورة الحية ل إمن ، حاكم إيون الجنوبية (طيبة الأقصر).
والنصوص والألقاب الملكية مثل “نب تاوى” أى “سيد الأرضين” و يعنى الجنوب و الشمال.

٣- النص يتضمن تأكيد لحماية كاهن أعلى من “معبد أوسير” أو (أوزوريس).

٤- مسجل فى الجزء العلوى من اللوحة مسؤول ذو حيثية هامة مع الملك “توت عنخ إمن” اسمه
” پا إن نيسيت
pa n nesit”.

٥- يرجع تاريخ هذه اللوحة الجرانيتية إلى عام ١٣٢٧ قبل الميلاد.و هو زمن حكم الملك الذهبي الصبى توت عنخ إمن.

٦- اللوحة مُسجلة فى متحف
“اللوڤر أبو ظبى” تحت رقم
“L AD 2016.017”.
و يظهر فى الرقم بجلاء عام ٢٠١٦ و هو العام الذى تم بيعها للوفر أبوظبي من قبل اللوفر باريس.

أهمية اللوحة :
١- يعتقد المؤرخ بسام الشماع أن هذه اللوحة هى واحدة من أواخر الآثار التى تحمل إسم و مناظر للملك “توت عنخ إمن“و مذكور بها إسمه بوضوح.

٢- ربما تكون هذه اللوحة قد تم الانتهاء منها قبل وفاة الملك “توت عنخ إمن” بشهور قليلة.د او ربما توقف العمل بها عند وفاته و يؤكد هذا وجود فراغ كبير غير معتاد فى أسفل اللوحة. فهل حدث أن اللوحة لم تكتمل بسبب وفاة الملك؟
(اقترح العالم جابولد ان اللوحة انجزت عدد من الشهور قبل وفاة الملك طبقاً لإحتمالية فرضها هذا العالم الفرنسى جابولد).

٢- هذه اللوحة لم تكن فى مقبرة الملك “توت عنخ إمن” لاننا لم نري اي ذكر لها مع مجموعة المقبرة رغم تميزها و تفردها.و هى مصنوعة بيد الكاهن المرتبط و المبجِل للملك و ليست مصنوعة خصيصا للمقبرة، و ايضا لأننا هُنا نتحدث عن “أوسير” أو (أوزوريس) ،
و “أوسير” معبده ومدفنه فى منطقة “أبيدوس” (العرابة المدفونه كيلومترات من قرية البلينا بمحافظة سوهاج بجنوب مصر).

٣- هذه اللوحة تبين فى نصها نوع من التكريم للكاهن
“پا إن نيسيت
pa n nesit”

٤- تؤرخ هذه اللوحة فى البداية من أعلاها تاريخ صدور هذا المرسوم بالتفصيل حيث يقول النص:
– “فى العام التاسع من الشهر الثانى من موسم “آخت” أى الفيضان فى اليوم الـ١٢”.
٥- ويؤكد الشماع أن موسم “آخت” الفيضان هو بداية العام الجديد عند المصرى القديم يبدأ فى يوم ١٩ من شهر يوليو من كل عام بالتقويم الجريجورى وهو التقويم الذى نتعامل به حالياً.
٦- و اكد العالم جابولد ان الفترة الأخيرة من فترة حكم الملك “توت عنخ إمن” كانت فترة غامضة.وذلك لما حدث من إضرابات وقلاقل لمصر أثناء حكم الملك “آخناتون”،والده، من تغيير المعبود من “إمن” إلى “إتن” وتأسيس عاصمة جديدة لمصر بـ “تل العمارنة” بدلاً من “طيبة” وما أتبع ذلك من حدوث مناوشات وإشكالية كبيرة بين كهنة المعبودين.
ثم يموت “آخناتون” بعد فترة حكم دامت ١٧ عام.وينتقل الحكم إلى توت عنخ إمن الذى يعود بالبلاد إلى المعبود “إمن”.
٧- بعد حسابات مُعقدة أجراها العالم الفرنسى “جابولد” توصل إلى أن التاريخ الموثق على اللوحة يوافق ٢٧ أغسطس ١٣١٨ ق.م وذلك وفقاً للتقويم اليوليانى ، نسبة إلى يوليوس قيصر. ويوافق ١٥ أغسطس ١٣١٨ ق.م وذلك وفقاً للتقويم الجريجورى.
٨- هذا النص المنقوش على اللوحة باللغة الهيروغليفية هو مرسوم ملكى وطبقاً
للمصدر المُطلع على دراسة اللوحة:
يثبت أن هذه اللوحة قد تم نقشها فى فترة تتراوح من ٤ الى ٦ شهور قبل وفاة الملك “توت عنخ إمن”.
(وهذا المصدر المبهم ليس مصدر بالنسبة لى كبسام الشماع ولكنها دراسة يجب ذكرها).
٩- نظرة إلى اللوحة فى الجزء الأسفل منها يوجد جزء فارغ ليس به أى كتابة او نقوش وهذا شيئ غير معتاد بالنسبة لـ اللوحات فى مصر القديمة وذلك دليل على توقف النص باللوحة لحدث و لسبب ما و ربما لوفاة الملك.

ملاحظات عن اللوحة:
١- فى الجزء العلوى من اللوحة الجرانيتية نجد أنها مقسمة جزئين وهذا غير معتاد بالنسبة لـ اللوحات الحجرية ل توت عنخ إمن .

٢- فى أعلى اللوحة على إحدى الجانبين يوضح المرسوم الملك “توت عنخ إمن”، و هو يرتدى تاج خبرش الازرق
و هو تاج النزال العسكرى،يعطى هبات وعطايا لـلمعبود الأسطورى “أوسير” (اوزوريس).

٣- وفى الجانب الآخر مشهد ثانى للملك “توت عنخ إمن” يرتدى التاجين الأبيض والاحمر ويتلقى هبات على شكل سكب سائل من آنية من مسؤول ذو حيثية يسمى
“پا إن نيسيت
pa n nesit”

وهذا الطقس عبارة عن سكب سائل من آنيه للملك “توت عنخ إمن”.

٤- ظهور الملك “توت عنخ إمن” فى مشهدين مختلفين أمام شخصيتان مختلفتان فى لوحة واحدة, أحدهما من البشر و الاخر معبود.
ويعتقد بسام الشماع ان هذا اسلوب نادر بالنسبة للوحات الحجرية لهذا الملك فى مصر القديمة.

أما بالنسبة للدليل الثاني وهو إكليل الزهور والذي يربط بسام الشماع بينه وبين اللوحة الحجرية
بالمقارنة الزمنية بين نوعية هذا الأكاليل المستخدم فى مراسم جنازة و دفن الملك “توت عنخ إمن” ، و التى اكتشفت فى ١٩٠٧م بوادى الملوك عن طريق ديفيز و أيرتون فى خبيئة وادى الملوك رقم ٥٤، و بين توقيت توثيق نص اللوحة.

فعند عرض أنواع النباتات و الزهور و الفاكهة
و اوراق الشجر المصنوع منها الأكليل على الدكتورة “هبة بدير” المتخصصة و المعيدة فى كلية العلوم جامعة طنطا و التى قامت بدراسة النباتات المستخدمة فى صناعتها وفترة تواجد واذدهار
هذه النباتات فى العام و فى اى موسم تحديدا ليكون دليلاً عن وقت وفاة الملك بالضبط من خلال وقت ازدهار و ظهور هذه النباتات.

و قد جاء تقرير د. هبة بدير متفقا مع ما توقعت بالضبط وجدت أن:

١- بتلات زهور اللوتس الازرق
petals of blue lotus :
فترة وجودها تكون من بداية شهر يوليو حتى نهاية الصيف.

٢- وزهرة Nightshade :Berry

فترة وجودها تكون من شهر يوليو حتى نهاية سبتمبر ولكنهم استخدموا الـثمرة منها وليس البتلات.
وفترة ازهار الثمرة من هذه الثمرة من أواخر شهر أغسطس وحتى نهاية شهر سبتمبر.

٣- و زهرة الخشخاش
poppy :
هو نبات حولى، يعيش لمده ١٢٠ يوم فقط ويتواجد فى فترة الصيف.

٤- شجرة الزيتون هى شجرة معمرة وأوراقها غير متساقطة وتظل موجودة طول السنة فلو تم إستخدام الزهرات من النبات فإن فترة أزهارها تكون مابين شهر إبريل إلى شهر يونيو.

٥- شجرة البرساء هى شجرة معمرة مثل الزيتون مورقة طول العام.

٦- Cornflower
فترة إزهار هذا النبات تبدأ من شهر مايو حتى نهاية شهر يوليو.
This species flowers from May to July as well.

ومن كل ما سبق يستنتج بسام الشماع أن:

اكاليل الورد الجنائزية المستخدمة فى مراسم دفن الملك “توت عنخ إمن” والتى اكتشفت فى ١٩٠٧م بوادى الملوك بها هذه النباتات والاوراق النباتية والشجرية تثبت انه مات فى فصل الصيف.

اذا نظرنا إلى اسفل اللوحة الجرانيتية نجد ان هناك مساحة كبيرة فارغة ليس بها نقوش أو نصوص مما يشير إلى أن الكاتب لم يكمل نقش النص و ذلك ربما لموت الملك فجأة فى السنة التاسعة من حكمه إبان الشهر الثانى من موسم الفيضان أي حوالى شهر سبتمبر بتقويم الميلادى الحالي طبقا للتاريخ المذكور اعلى النص.
و بالتالى يؤكد بسام الشماع بأن توت عنخ إمن حكم مصر لمدة تسعة سنوات و ليس عشرة كما هو متعارف عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى