فنمقالات

شيزوفرينيا الدراما التركية

كتب / محمد محمود مهدي

تطل علينا الدراما التركية بالعديد من المسلسلات والأفلام ذات الطابع التاريخي تمجد أحداثها ما قام العثمانيون به من إنجازات وفتوحات ؛ ونحن كمسلمين لا ننكر ما قام به آل عثمان من أعمال نفتخر بها كما نفخر بما قامت به الدول الإسلامية من أموية وعباسية ومملوكية وأيوبية ومرابطية وغيرها من الدول ، ولكن ما ننكره هو أن يتم اختزال إنجازات الخلافة العثمانية في عنصر واحد وفصيل واحد ألا وهو شعب تركيا الحديثة كما تصدره لنا الدراما التركية وهذا أكبر تزييف وتدليس لتاريخ الدولة العثمانية .
فدعني أيها القاريء الكريم أصطحبك معي لنغوص في أعماق التاريخ لنضع الحقائق والأحداث في نصابها الصحيح .
أولا : مصطلح الأتراك أو الترك ليس المراد به شعب تركيا الحديثة وإنما يشير إلى كل القبائل والأقوام التي سكنت في المنطقة الممتدة من سيبيريا وغرب الصين شرقا إلى حدود إيران وبحر قزوين غربا وكانت تلك المنطقة تسمى ببلاد التركستان وقبائلها تسمى القبائل التركمانية ، وأمام الزحف المغولي الغاشم الذي دمر الأخضر واليابس هاجرت تلك القبائل من مناطقها إلى مناطق أخرى مثل الأناضول التي هاجرت إليها بعض القبائل ومنها قبيلة (قايي) بزعامة سليمان شاه وابنه أرطغرل وهي القبيلة التي ينتسب إليها عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية .
ثانيا : الدولة العثمانية لم تكن قائمة على عنصر واحد فقط بل اشترك العرب مع الترك مع الأرناؤوط والبوشناق والبلغار والسودان في اتساع الدولة وبناء أركانها وقيادة مؤسساتها فبينما كان السلطان العثماني من نسل عثمان كان الباشا العثماني أحيانا من العرب وأحيانا من الترك أو غير ذلك ولنا في خير الدين باربروسا مثالا لذلك فقد كان قائدا للبحرية العثمانية وهو ليس من العنصر التركي .
ثالثا: الدولة التركية الحديثة تنسب إلى كمال أتاتورك وهو الذي قام بإلغاء خلافة آل عثمان وكان يناصب كل ما هو عثماني العداء وفتح الباب على مصراعيه ليتحول آخر جزء من أملاك آل عثمان إلى دولة علمانية بعيدة كل البعد عن الإسلام .
رابعا : يؤكد المؤرخون واللغويون أن اللغة العثمانية تختلف عن التركية الحالية فقد كانت العثمانية مزيجا ما بين اللغة العربية والفارسية وحروفها عربية أما التركية الحالية حروفها لاتينية
عزيزي القاريء تلك الأدلة والبراهين تؤكد أن العثمانيين شعب مغاير تماما لشعب دولة تركيا الحديثة ومن الخطأ أن نعتبرهم واحد ، ومن السخافة أن يتغنى أتراك اليوم بماض ليس لهم فيه ناقة ولا جمل ، ومن الجنون أن يتعالوا علينا نحن العرب بمجد شاركنا فيه فالدولة العثمانية كانت دولة خلافة وليست دولة عرقية شأنها كالخلافة الأموية والعباسية لم تكن حكرا على العرب فقد شارك في أمجادها العرب وغير العرب من المسلمين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى