مقالات

عطاء دون منع والعكس صحيح

عطاء دون منع والعكس صحيح

 نهى فوزي حمودة

 

 

لابد من التضحية من أجل الوصول فكل شيء في عالمنا لا يأتي بدون حساب مسبق فكما فُرضت الجزية على أهل الذمة سابقا، وفُرضت الضرائب على المصرين فيما بعد.
تُدفع رسوم جمارك على البضائع في الموانئ وتُفرض الضرائب لتحقيق هدفا ما.
فرضت الحياة أيضا على الإنسان ضريبة للوصول، وضريبة للعيش في أمان، وضريبة للسعادة، وأخرى النجاح.
ضريبة على كل ما يبلغه الفرد ويحققه من خطوات في الحياة:
منها ما هو بسيط للغايه قد يقدمه الفرض دون أن يشعر، ومنها ما هو قاسي للغاية فما أصعب أن تكون السعادة هي ضريبة النجاح، وما أقسى أن تكون التعاسة هي ضريبة حب الناس والإستحواذ على الإحترام من الجميع.
ومنها ما هو سم قاتل عندما تكون الوحدة والكتمان وعدم القدرة على الشكوى هي ضريبة العقل والنضوج.
مضت في حياتها ما مر عليها من العمر لتجد أنها قد حققت كثيراً مما يصبوا إليه الكثيرات مثلها وبنظرة فخر وإعتزاز تشكر الخالق لان أوصلها لهذا وأن جعلها بين الناس عزيزة.
لكنها في لمحة أخرى لما عانته في تلك السنين التي عاصرتها وما سكن فؤادها من أحزان منها ما جعلها هشة من الداخل لا تقوى على تقبل المزيد، ومنها ما جعلها منطفئة ومنزوية على ذاتها غير راغبة في أن تشارك أحد تفاصيلها، كم تجد أيضا ما جعلها تعاني قسوة الآخرين وكم هو صعب وقع الظلم على الإنسان.
لكنها ظلت محتفظة بنقاء نيتها ترغب بالخير للجميع؛ فتقف حائرة بين هل هي على صواب أم من تغيروا بمرور الايام ومجابهة الحياة هم الصواب؟
هل برغم ما واجهته من صعاب أوصلتها لهدف من الطبيعي بلوغه، دون أن تُنكر أنها حققت معه ما يصعب على الكثيرين تحقيقه، لكن الحياة قد أخذت منها سعادتها كضريبة له يجب أن تظل تحمل في طيات مشاعرها الفرح للجميع والرغبة في السعادة لكل من حولها وإن كانوا قد سببوا لها الأذى ذات يوم؟
أم تتحول كمن تغلبت القسوة عليهم وأصبحوا متبلدين المشاعر لا يدمرون لاحد سوي الحقد والضغينة اذا ما رأوا سعادته ظاهرة؟
هل عليها ان تستمر على تلك القيم والمبادئ التي أوصلتها لذاك العقل الناضج التي جعل منها مصدر إعجاب وفخر للجميع؟
أم تتخل عنها لتعيش سعادة ترغب بها حتى وإن كانت مؤقته فيكفيها أن تعيش من السعادة حقبة؟
لكنها تأتي بالإجابة على كل ما يراودها من تساؤلات بعد أن تنظر لما حققت وما تجده من إعجاب وفخر وما تشعر به من راحة برغم كل ما تعانيه من حزن وآلام لكنها تبقى آمنة بعيدة عن الخوف من نتائج تصرفات طائشة واختيارات متسرعه قد تكون نتائجها أحداث مؤسفة.
فتجد أنها وبكامل الرضا واليقين تحمد خالقها على ما أهداها إياه من نجاح، وما منعه عنها من شر تحسبه خيرا بجهل نفس أمارة بالسوء وتردد دوما أن ما ظنته هي بجهل نفسها سعادة لو كانت سعادة ما حُرمت منها بفعل الحياة فإرادة الله دوما خير والسعادة تكمن في الرضا بقدره والصبر على منعه فمنعه عز وجل هو قمة العطاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى