مقالات
واقع غير مألوف في مجتمعنا

د. صالح العطوان الحيالي
انا من جيل الخمسينيات ولدت وترعرعت في الريف .نشات على عادات وتقاليد جدا جميلة منها الألفة وصلة الرحم والصدق والنية الصافية والكرم والشجاعه والأخ يحب لنفسه كما يحب لاخيه والعم يربي والخال يضرب والجار يعتب لكنه طرأ في السنين الاخيرة وخاصة بعد ٢٠٠٣ حالة غير مألوفة عند مجتمعنا العراقي الاصيل ..كثرت حالات الحسد والغيرة ، أصبح الأخ يُعادى أخاه ويقاضيه في المحاكم والجار يعادي جاره ويُقاضيه في المحاكم ،اصبح الانسان لا يأمن على ماله ونفسه وولده وأهله اصبحنا في زمن مغاير تماما لزمن اسلافنا ..كان الناس قديما فى تواصل ومودة ومحبة .. الجار يصون بيت جاره ويحفظ أهله وماله وعرضه. القوي يحن على الضعيف ويعطف عليه و يرعى شئونه ويُلبى مطالبه . المجتمع كله يكفل الفقير ويسُد حاجته . كانوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، فأنزل الله عليهم بركة فى الرزق ، الذى كان برغم قلته يكفى ويزيد ، وبركة فى الأهل والولد . كانت هناك بفعل تلك السماحة التى عمت المجتمع بأسره ـ…. راحة فى القلب وطمانينة فى الفؤاد …..
أما فى زماننا هذا اي بعد الاختلال البغيظ ؛ سقطت قيم كثيرة وحلت محلها سلوكيات شاذة غريبة عن مجتمعنا مستوردة مسلفنة من الخارج بداعي الحرية والديمقراطية ، فشاع الظلم والجور والطغيان ،.. حلت القسوة محل العطف، الشدة محل اللّين، الغضب محل الحلم ، والكذب محل الصدق ،…. انتشر ترويع الآمنين ، فشت البغضاء والكراهية بين افراد الاسرة الواحدة ..الابن اصبح مخبر سري على والده الاخ يشي على اخوه والابن على والده ، فشت روح البهلوانية والخداع والختيال والنصب التى صار معناها أن تضحك على أخيك و تسلبه حقه ، انتشرت العصابات وقطع الطرق ، انتشرت وسائل التواصل الحديثة التي خربت العوائل، فماذا ننتظر ممن ربنا الموصوف بالعدل ؟….. ماذا ننتظر من رب العزة ..هل ننتظر سعادة ورخاء ؟ …كلا والله،… فقد جاء الجزاء من جنس اعمالنا فألفينا هذا يعانى شظف العيش ،…. وذاك يشكو سلوك زوجته فيصل الحل اما النشاز واما الطلاق ..كثرت حالات الطلاق واخر يبكى عقوق أولاده ، واخر يشكو جورا وظلما ، وخامسا يقاسى غلاء ومرضا، كل هذا بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير…