مقالات
خان الملح والزاد
د.صالح العطوان الحيالي
أصبحت خيانة الملح والزاد موده وعاده سهله ومباحه عند البعض مع الاسف بل أصبحت شبه مشاعة لدى الكثير من ضعاف النفوس ومرتزقة العصر لأنهم لم ينشأوا أو يتربوا في بيئه صحيه نظيفه وصحيحه لانه من شب على شئ شاب عليه ومن عاشر القوم أربعين يوما صار منهم ، والطيور على أشكالها تقع… لذلك أصبحت صفة الاخلاص والوفاء والصبر والتضحية ونكران الذات ضعيفه وبالكاد تكون معدومه، وطغيان صفات الانانيه والحسد والغيره والخيانه .ولنا من قصص السلف خير دليل على ما تقدمنا به ودليلنا سواء كان شعرا أم قصصا وإليكم بعض الأبيات والقصص من السلف …
الملح مابي صوج بس صوج الحلوك
تاكل وتكص وتخون وبزادك أتضوك
مشكلتنا هذه الأيام، أن بعض الأشخاص مع شديد الأسف فقدوا الحياء والغيره والشهامة وصفات الرجال الرجال لان الرجل كلمه كما يقولون فتجد الكثير منهم عباره عن جذوع نخل مسنده واجسامهم تكبر وعقولهم تصغر.
كثرت خيانة الملح والزاد وكثرت خيانة المجالس وكما يقال المجالس امانات لكن الكثير منهم من خان الامانة وكثرت وكثرت كل شيء تغير. النفوس تغيرت .المبادىء بيعت . الأخلاق في تدهور وتربية الأبناء حدث ولا حرج … فكم من شريف هجر من بيته أو أودع السجن بسبب هؤلاء خونة الزاد والملح وانا اكتب كلماتي هذه فقد عانيت من هذه الصفة الرذيلة التي بسببها ما انا فيها الان إذ من اطعمته خان الملح والزاد .وهذه مثال من عدة أمثلة..
يحكى أن في قديم الزمان وفي زمن القحط والجدب والفقر والجوع إنتشرت ظاهرة اللصوصيه والسرقه أو ماتسمى بالتراث البغدادي(الحيافه باللهجة العامية الدارجة عند أهل الريف ) والحيافه هي أن يقوم الشخص اللص بالتسلل ليلا وبالظلام الدامس بالدخول خلسة بأحد البيوت لسرقة المواد الغذائيه مثل ظرف الدبس او الدهن .الظرف ( عبارة عن وعاء فخارية يحفظ بها الدبس ) الدبس أو الدهن أو الرز أو التمر أو الطحين اوماشابه ذلك إضافة للحيوانات والدواب والماشيه وغير ذلك.
يقال ان هذا الشخص (الحايف) ومعه شخصان دخلوا الى أحد البيوتات ليلا وفي الظلام الدامس واهل البيت نيام خارج البيت وعندما فتشوا داخل البيت وجدوا أكياس المواد الغذائيه ولم يعرفوا مابداخلها وأراد هذا الشخص التأكد من أحد الأكياس هل هو سكر ام طحين ام رز ولأن الامر التبس عليه بسبب الظلام والارتباك والخوف فتح الكيس ومد يده بداخله وأخذ عينة منه ووضعها في فمه وعندما تذوقها تبين أن هذا الكيس فيه ملح .
ولأنه ذاق ملح البيت أبت نفسه وكرامته وغيرته وشهامته ورجولته وأصول العرب وتقاليدها واعرافها أن يخون الملح الذي تذوقه بالخطأ وأمر صاحبيه بالخروج من البيت ومغادرته فورا وترك كل شئ في مكانه، هذه هي شيم وقيم وغيرة وشهامة الرجال ووفائهم للملح الذي ذاقه قليلا ، واليوم نجد كم واحد اكل وذاق الملح ولمرات عديده وشبع ملح حتى خرج من إذنيه وعينيه وانفه وفمه ومسامات جسمه ولكنه خان الملح والزاد والعشره وكما ينطبق عليه المثل الشعبي ((صحبته ويه ركبته )) ولله في خلقه شؤون ….