مقالات

تعلَّمتُ من (٨)

د . حسن حنفي
في أواخر الثمانينات من القرن العشرين، عاد الدكتور حسن من منفاه الاختياري، بعد خمس سنوات قضاها أستاذًا زائرًا في (اليابان !) هربًا من اضطهاد الرئيس السادات، وعاد إلى وظيفته كأستاذ للفلسفة في جامعة القاهرة، وكان أول ما فعله هو إحياء الجمعية الفلسفية المصرية، بعد عقود من الغياب التام .. وراح يقيم ندوة شهرية متخصصة، ثم مؤتمر سنوي للفلسفة
بعد حصولي على الدكتوراة، ذهبتُ من الإسكندرية إلى جامعة القاهرة لحضور الندوة الشهرية، فرحَّب بي الدكتور “حسن” وتحاورنا قليلًا قبل الندوة.. كان المتحدِّث يومها هو الدكتور “محمد عبد الهادي أبو ريدة” الذي ناقشته في بعض النقاط التي طرحها، فردَّ عليَّ بحدَّةٍ وعنَّفني بلا داعٍ (كان وقتها على مشارف التسعين من عمره، ولم أكن قد أكملت من سنوات عمري الثلاثين).. وزاد من طين الموقف بلَّةً، يومها، أن الدكتورة ” أميرة حلمي مطر” التي صرنا لاحقًا أصدقاء، قالت لي أمام الجميع بين الجد والهزل : انت يا واد شاطر كده إزاي، وانت متخرّج من الإسكندرية .. بعد سنوات، رددتُ عليها بأن قسم الفلسفة بالإسكندرية هو : يوسف كرم، وأبو العلا عفيفي، وعبد الحميد صبرة، وأبو ريّان .. فضحكت وقالت : انت خدت الكلام بجد، أنا كنت بهزَّر معاك
بعد إحراجي يوم الندوة، حاول الدكتور حسن حنفي ملاطفتي لتخفيف الحرج، وطلب مني إلقاء محاضرة الشهر القادم في الجمعية الفلسفية .. خفق قلبي بشدة، واستفقتُ بسرعة من تلك المفاجأة، واقترحت أن يكون موضوع ندوتي : الاستطيقا المثالية بين الصوفية المسلمين والفلاسفة الأوروبيين .. فوافق، وكانت ليلة الندوة بديعة ورائقة
وتعلَّمتُ من “حسن حنفي” في السنوات العشرين التالية، أشياء كثيرة. من أهمها، أن الفكرة أهم من صاحبها ! وذلك لأنني كتبتُ عنه مقالةً مطوّلةً ضمن (الرموز المصرية) التي افتتحتُ بها كتابي : شجون مصرية .. ولما سألته عن رأيه قال :
يعني، لا بأس، لكنك تكلّمت عن شخصي وليس عن أفكاري، والفكرة يا بو حجّاج أهم من صاحبها، وأبقى، وأدوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى