مقالات
سر بكاء الصحابي أنس بن مالك
د.صالح العطوان الحيالي
تستر مدينة فارسية تقع شمال الأحواز على هضبة يمر منها نهر الكارون .
تستر مدينة فارسية حصينة كان انس بن مالك رضي الله عنها يبكى كلما سمع اسمها !!!. حاصرها المسلمون سنة ونصف بالكامل، ثم سقطت المدينة في أيدي المسلمين، وتحقق لهم فتحاً مبيناً.. وهو من أصعب الفتوح التي خاضها المسلمون.. فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه عندما يتذكر موقعة تستر ؟! لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن، ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم ومائة وخمسين ألف فارسي ، وكان قتالاً في منتهى الضراوة.. وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت، وتحمل الخطر على الجيش المسلم.. موقف في منتهى الصعوبة.. وأزمة من أخطر الأزمات!..
ولكن في النهاية – بفضل الله – كتب الله النصر للمؤمنين.. وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس !! واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب !! لم يستطع المسلمون في داخل هذه الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده!! ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته.. يبكي وهو معذور، وجيش المسلين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة سنام الإسلام.. مشغول بالجهاد.. لكن الذي ضاع شئ عظيم!.. يقول أنس: وما تستر ؟! لقد ضاعت مني صلاة الصبح، ما وددت أن لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة !! هنا نفهم لماذا كان ينصر هؤلاء ..
الصلاة عمود الدين واساسه يبنى عليها غيرها فمن حافظ عليها كما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حافظا لما سواها ومن يضعها كان لسواها اضيع .
ما هو قدر صلاة الفجر فى حياتنا .. ؟؟ هؤلاء الناس ضحوا بحياتهم فى سبيل الله .. هل نقدر نحن أن نضحى بنومة فى سبيل الله .. اذا لم نقدر .. فأى نصر نأمل؟؟
يقول انس بن مالك رضي الله عنه ” شهدت فتح تستر وذلك عند إضاءة الفجر فما صلوا الفجر الا بعد طلوع الشمس .فما احب ان لي بتلك الصلاة نور النعم ” صحيح البخاري .
المصادر
البداية والنهاية .ابن كثير
الطبقات .ابن سعد
كتاب موسوعة الأخلاق والزهد .ياسر عبد الرحمن
الطبري . تاريخ الرسل والملوك