مقالات

التجاذبات المالية في الحياة الزوجية

 

الدكتور / حسام القاضي

( القبول والرفض ) معنيان مشتقان للعديد من الحالات التي يكون عليها الزوجان، فالقبول يعني الحب والتشاركية والسماح وطيب الخاطر والحرص على التعاون، والرفض يعني عدم القبول وبداية التصدع وربما الكره والرغبة في الاستقلالية الشخصية والنفسية ( والمالية أيضا ).

والتأكيد على الحياة الزوجية تحديدا نابع من أنها العلاقة الوحيدة التي تختلط فيها كثيرا من الحسابات ومنها أموال طرفي الشراكة دون حسبة وتقييد (على الأغلب)، وبناء عليه تسمح الزوجة للزوج ببيع مصاغها الذهبي مثلا، و تستدين له وقت الإعسار، وتعمل هنا وهناك للمساعدة في سداد الدين، و و و .

كل ذلك وأكثر يحصل ( ضمن معادلة القبول )، فإذا تحولت البوصلة لمعادلة الرفض فإن الشقاق يكون قد لاح بالأفق، والكدر بات يطرد المحبة والوئام، والنوايا السلبية باتت تقتل الإمارات الإيجابية، والبوصلة النفسية تنحدر نحو آفات الكره والبغض والحقد والتأسي ومحاولة الانتقام، سيما إذا لم يقدر الزوج الدور الذي ساهمت به زوجته والتضحيات التي بذلتها للوقوف بجانبه !!.

( الاستقلال المالي في الحياة الزوجية ) مطلب مشروع، وتفاصيل مقاسه يختلف من أسرة لأسرة، ومعيار الأصالة في النظرة الزوجية لا يرتبط بأفكار كل زوج ومواقفه، إنما يرتبط بمبدأ قبول الاستقلال المالي من الزوج للزوجة، وعدم النظرة السلبية تجاه حق كل طرف بالمحافظة على الأصول المالية التي يمتلكها سيما الزوجة ( المهر، المصاغ الذهبي، الراتب الوظيفي، نقوط المعايدات، الميراث ) ..

وعلى الزوج أن يتعفف عن ما في يد زوجته وأن يبحث عن مصادر دخل غير ما في يد زوجته إلا إذا طابت عن نفس بعطاء، ولا يكون كالدول تفرض الضرائب والخاوات باسم القانون لتستولي عما في يد مواطنيها، فمال الزوج لبيت الزوجية، ومصادر دخل زوجته غير داخلة في هذه الحسابات أصلا، فكيف له أن يحتمل عتابها فيما يأخذه منها، وكيف له أصلا أن يحصر تفكيره فيما هو بيدها ولا يجعل ما في يدها ذخرا خاصا بها ؟؟.

إن ( التنافر النفسي ) عنوان لكل ما هو سلبي في كل يحدث في الحياة الزوجية، كما أن الشرخ النفسي مدعاة للرغبة في منع العطاء والاستقلال بالأملاك، وعلى كل لبيب أن يفكر بتلك اللحظة التي ستصرخ بها زوجته بالمن عليه فيما أخذه منها، عندئذ ستسقط القناعات التجميلية، وستزول أمارات الكرامة الشخصية، وسيتعاير كل من أخذ شيئا من زوجته على الملأ وربما أمام القضاء، وعيب على كل آكل لحق زوجته أن يكابر فيما أخذ وكأنه لم يأخذه !!.

فليترك الأزواج ما في يد الزوجات لهن، إلا إذا قدمن ما تطيب به أنفسهن في أوقات العسرة على أن يرد لهن في ظروف الرخاء، دعو الحلي في أياديهن، وأموالهن في حساباتهن، والانفاق ليس من تكاليفهن، وذرف الدموع وإظهار لغة العجز أمام أيديهن ليس من شيم الرجال، فالرجل إما أن يكون شامخا وإما ذليلا مكسورا !! .

ويكفيك أن تعلم أن قهر الرجال مما استعاذ منه الرسول الأكرم عليه السلام، فكيف به إن كان أمام زوجة تعزف على نغم المن وكسر العين، وكيف به أن يصبح مع هدر الكرامة الشخصية التي هي منبع الفحولة في الحياة الزوجية ؟!.

( التجاذبات المالية )
في الحياة الزوجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى