عربية

الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط”: غزة ليست للبيع

محمد حسونه
أكد أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن غزة ليست للبيع، فهى بالنسبة للفلسطينيين والدول العربية جزء من إقليم الدولة الفلسطينية المستقبلية على حدود ١٩٦٧، جنبًا إلى جنب مع الضفة الغربية بلا انفصال بينهما، وفى إطار حل الدولتين الذى أجمع عليه العرب والعالم. وقال «أبوالغيط»، فى كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية ١١٥ للمجلس الاقتصادى والاجتماعى على المستوى الوزارى، برئاسة البحرين، إن دورة المجلس الاقتصادى والاجتماعى تتزامن مع مصادفة حسنة، (تولى البحرين رئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة)، لتقود البحرين، خلال هذه المرحلة، دفة العمل العربى المشترك بجوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن عميق التقدير لدولة الإمارات لحُسن إدارتها للعمل الاقتصادى والاجتماعى العربى المشترك خلال توليها رئاسة الدورة السابقة للمجلس.
 
وأضاف «أبوالغيط»: «ينعقد اجتماعُنا اليوم وسط تطورات سريعة ومتلاحقة لم تخلُ منها يومًا المنطقة العربية، فما إن بدأ اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، الذى طال انتظاره لما يقرب من عام ونصف العام، ليدخل حيز النفاذ، حتى استأنف الاحتلال الإسرائيلى مخططاته التوسعية فى الضفة الغربية، بإعادة تموضع معداته العسكرية ومواصلة ارتكاب جرائم الحرب بحق عموم أبناء الشعب الفلسطينى، وبرزت من جديد أصوات إسرائيلية وأمريكية مرفوضة تطالب بتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض، وترحيلهم من ديارهم».
وجدد الأمين العام لجامعة الدول العربية «التأكيد على الموقف الثابت لجامعة الدول العربية، باعتبارها المؤسسة الجامعة لكافة الدول العربية، بالرفض التام والمُطلق لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أى ذريعة، باعتبار أن ذلك يمس مباشرةً أُسس وقواعد القانون الدولى، الذى بُنى على أساسه التنظيم الدولى المعاصر»، مشيرًا إلى أن «ذلك الأمر ينطوى على إجحاف صارخ بحقوق الشعب الفلسطينى، ويمثل تهديدًا مباشرًا نحو تصفية القضية الفلسطينية، وهى قضية العرب المركزية، وأتحدث هنا عن الشعوب والحكومات على حد سواء». وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن الحرب الشعواء التى تنتهجها إسرائيل، منذ أكتوبر ٢٠٢٣، لم تكشف عن خسائرها النهائية، إلى جانب الخسائر البشرية، الأكثر كُلفة على الإطلاق، لافتًا إلى أن هناك خسائر مادية ضخمة وخسائر معنوية خلَّفت ندوبًا عميقة فى الوجدان والذاكرة العربية، وسوف يستغرق التعافى منها سنوات وسنوات. ودعا «أبوالغيط» إلى مواصلة التحرك العربى الفاعل على كافة الأصعدة الدولية والإقليمية، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، من أجل التخفيف من وطأة التداعيات الكارثية التى تُخلّفها هذه الجرائم الإسرائيلية.
 
ودعا المجلس إلى تبنى خطط إغاثية طارئة لنجدة الأشقاء الفلسطينيين الذين طالتهم يدُ الإجرام الإسرائيلية، ووضع ضوابط مُحدّدة لمتابعة تنفيذ هذه الخطط على نحو متكامل، وتنسيق المساعدات العربية المُقدّمة إليهم فى هذا الشأن. وأشار إلى خطة الاستجابة الطارئة التى أعدتها دولة فلسطين للتصدى لتداعيات العدوان الإسرائيلى، التى أخذت قمة البحرين العلم بها ودعت إلى تمويلها وتنفيذها بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، لافتًا إلى مشروع «إنقاذ الحياة»، للفئات الفقيرة فى قطاع غزة، الذى اعتمده المجلس خلال الدورة السابقة، ويشمل الفئات الأكثر تضررًا نتيجة للعدوان الإسرائيلى الغاشم، بمن فيهم كبار السن وذوو الإعاقة والأسر التى تُعيلها النساء، وبرنامج الطوارئ النقدى للأسر المتأثرة بالحرب. ولفت «أبوالغيط» إلى أن المجلس معروض أمامه بندٌ بشأن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى دولة فلسطين، انسجامًا مع خطة الاستجابة الطارئة. وتابع: «يناقش اجتماعُنا، اليوم، عددًا من الموضوعات المهمة، منها الإعداد للملف الاقتصادى والاجتماعى للقمة العربية فى دورتها العادية المقبلة، فى جمهورية العراق، وهذا الملف يشمل كافة الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية المعروضة على القمة». ودعا إلى تضمين هذا الملف القضايا ذات الأولوية فى مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، التى باتت أكثر إلحاحًا على الأجندة التنموية العربية، خاصةً فى ظل تعقّد الجهود الهادفة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ ما يتطلب إعادة ترتيب الأولويات العربية لتحقيق التنمية العاجلة والعادلة والمنصفة، وضمان تحقيق استجابة إنسانية أكثر فاعلية، أخذًا بالاعتبار خصوصية المنطقة العربية وأبعادها. وأكد على دور المجالس الوزارية العربية والمنظمات المتخصصة، باعتبارها الأذرع الفنية للمنظومة العربية، وخدمةً لأهدافها. وقال «أبوالغيط»: «يتزامن هذا العام مع مرور الذكرى الثمانين لإنشاء جامعة الدول العربية (بيت العرب).. ثمانون عامًا من العمل العربى المشترك، واجهت خلالها الجامعة والدول العربية العديد من التحديات المصيرية والهيكلية والموضوعية والجماعية، تحديات لم يكن باليسير تجاوزها أو التغلّب عليها، غير أن الدول العربية استطاعت، بفضل استجماع إرادتها، الحفاظ على هذا الكيان الجامع، وناضلت من أجل مناصرة القضايا العربية، وحماية الهوية الوطنية، والدفاع عن المصالح القومية، طوال الثمانين عامًا الماضية». وأوضح «أبوالغيط» أن الظروف الحالية لا تقل خطورة عن تلك التى عاصرها آباؤنا، وكانت دافعًا لهم نحو التلاحم والتكامل والاندماج وإنشاء كيان جامع لهم، يتمكنون من خلاله من صون الحق العربى والذود عنه، وترسيخ القيم العربية الأصيلة وحماية المصالح القومية، وجديرٌ بنا أن نواصل السير على هذا الدرب النبيل، مُتسلحين بالإرادة والإصرار، مُجدّدين العزم على القضاء على كل تهديد يواجه أمتنا.. موفين بالعهد والأمانة التى حُمّلنا إياها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى