مقالات

غدر أهل الدار

كتب- د. صالح العطوان الحيالي

الغدر أحد صفات الرذيلة ولكن الوفاء هو شيم الكرم والرجال ومن أصعب الأوقات التي يعيشها الإنسان عندما يتعرض للخيانة والغدر من الأهل والأصحاب ولكن أشد وقت يمر علينا عندما يكون الغدر والخيانة من الإخوة واليوم أقدم لكم درسا من دروس الغدر من قبل الإخوة ماجرى بين المغول وأهل بخارى

تعد بخارى خامس مدن أوزبكستان الحالية ومن أعلامها الإمام البخاري والعالم ابن سينا والزمخشري وغيرهم مما اطلق عليها إسم مدينة الصالحين ، كما تعد بخارى من بلاد ما وراء النهر التي طمع المغول للاستحواذ عليها .

فنزل جنكيزخان بظهرها أواخر عام ٦١٦ هجرية ١٢١٩ ميلادية وبدأ بضرب حصار محكم عليها ، وكانت القوة الإسلامية التي أوكلت إليها مهمة الدفاع عنها تتكون من عشرون الف مقاتل واستمر هجوم جنكيزخان ثلاثة أيام متتالية وبعد اليوم الثالث ظهر للجيش الإسلامي ضعف قوته وقلة حيلته وعندما قرر التراجع إلى خرسان.

وأحس الخوارزمين الذين بقوا في المدينة قد إثر ذلك عليهم وضعفت قوتهم وبدأ الياس يدب في نفوسهم وهم يرون خيرة الجند يغادرون المدينة فارسلوا قاضي المدينة بدر الدين إلى جنكيزخان يعرض تسليم المدينة وطلب الأمان اجابه جنكيزخان على ذلك وفتحت المدينة أبوابها ودخل جنكيزخان المدينة ومر من أمام مسجد هاشم ودخله ممتطيا جواده وسأل عما اذا كان هذا قصر السلطان فلما قيل له ان هذا بيت الله نزل من حصانه وصعد المنبر وصاح قائلا : لقد قطع العلف أعط الخيل طعام.

وهنا فهم الجنود قصد قائدهم بأنه يشير إلى نهب المدينة وقد حمل المغول إلى فناء المسجد عدة صناديق تحوي نسخا من القرآن الكريم وقعت تحت حوافر الخيل واهان المغول الدين الإسلامي وذلك بإحضار قرب الخمور إلى المسجد .

وقد وجد ما يقارب ٤٠٠ فارس من فرسان الجيش الخوارزمي لم يخرجوا من المدينة مع بقية الناس فذهبوا للاحتماء بالقلعة وقد دافعت هذه الحامية بكل شجاعة لمدة ١١ يوم وقتلت اعداد كثيرة من المغول وبعد أن استطاع جنكيزخان أن يحدث ثغرة في هذه القوة لم يترك فيها شخصا على قيد الحياة .

كيف شق المغول الصف الإسلامي يقول ابن الاثير في كتابه التاريخ ..كتب جنكيزخان لأهل المدينة ” أن من سلم لنا سلاحه ووقف في صفنا فهو أمن ومن رفض فلا يلومن الا نفسه ” .فانشق المسلمون إلى صفين .

الصف الأول ، رافض له فقالوا : لو استطاعوا غزونا ما طالبونا بالتفاوض معهم ! فهي إحدى الحسنين اما نصر من الله يسر به الموحدين أو شهادة نغيظ بها العدو .

الصف الثاني ، جبن عن اللقاء وقالوا :
نريد حقن الدماء ولا طاقة لنا بقتالهم الا ترون عددهم وعدتهم .

كتب جنكيزخان لمن وافق على التسليم ” أن اعنتمونا على قتال من رفض منكم .. نولكم بعدهم أمر بلدكم ” أصاب الكثير منه هذه الفئة الغرور بكلام جنكيزخان رغبا ورهبا من بطنهم فنزلوا لأمره ودارت رحى الحرب بين الإخوة إخوة القتال بالامس إخوة الدين والتاريخ .

طرف دافع عن ثبات مبادءهحتى الموت والشهادة وطرف وضيع ذليل خائن باع نفسه للمغول فصار عبدا من عبيده وفي النهاية انتصر طرف الذل والخيانة ولكن الصدمة الكبرى أن المغول سحبوا منهم سلاحهم وامروا بذبحهم وقال جنكيزخان قولته المشهورة ” لوكان يؤمن جانبهم لما غدروا باخوانهم من أجلنا ونحن الغرباء” .

المصادر :

تاريخ المغول وغزو الدولة الإسلامية.. د. إيناس محمد البيهجي .
الكامل في التاريخ لابن الاثير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى