مقالات

بين جدران “الأمان”: طفولة مُغتصبة.. والمؤبد يطفئ جزءًا من صرخة الإنسانية!

كتب : د.عادل عبدلله عبده 

لم تهزني وتجرحني قصة قط مثل قصة الحمل الوديع يسين ، وأنا أكتب هذه الكلمات، أشعر بقلبي يتمزق ألمًا وغضبًا على هذا الطفل البريء. كيف يمكن للغة أن تستوعب هذا القدر من البشاعة؟ كيف يمكن للحروف أن تنزف بدلًا من الدموع لتصور هذا الجرح الغائر في جبين الإنسانية؟
طفل في السادسة من عمره! زهرة لم تتفتح بعد، تُداس بأقدام وحشية في محراب العلم وحصن الأمان المفترض!
عام كامل من الاغتصاب الكامل! تخيلوا معي هذا الرعب المتصل، هذا الكابوس اليومي الذي يلتهم براءة هذا الملاك الصغير. روحه تُنتزع قطعة قطعة، طفولته تُذبح على مذبح شهوة حيوانية مقيتة.
لقد بدأ الكشف عن هذه الجريمة المروعة عندما كان يتألم جسد هذا الطفل الصغير أثناء عملية الإخراج، ألم لم يستطع قلبه الصغير تحمله.
في هذه الجريمة المروعة، يجب أن نؤكد بوضوح لا لبس فيه على حقيقة دامغة: الضحية، هذا الطفل البريء، هو إنسان قبل أي شيء آخر. ألمه، وخوفه، وحقه في الطفولة الآمنة الكريمة، هي حقوق عالمية لا تحددها ديانة أو عرق أو أي انتماء آخر. الظلم هو ظلم، والجريمة هي جريمة، بغض النظر عن هوية الجاني أو المجني عليه. فكان مطلبنا الوحيد هو العدالة الناجزة والقانون الرادع، الذي يحمي الإنسان من بطش الوحوش ويصون براءة الأطفال دون أي تفرقة أو تمييز.
وبعد هذا الألم الذي فضح الوحشية، جاء الكشف الطبي ليؤكد الفاجعة: تهتك كامل في فتحة الشرج، واتساع سنتيمتر واحد يحكي قصة اغتصاب طفولة بأكملها. هذا السنتيمتر الواحد هو صرخة مدوية في وجه العالم الصامت، هو دليل دامغ على وحشية لا يمكن تصورها.
هذا العجوز الثمانيني، الذي تجرد من كل معاني الإنسانية وتحول إلى شيطان رجيم، والذي نهش لحم طفل لا حول له ولا قوة! وهذه المديرة المتسترة ، التي خانت الأمانة وتلك الدادة، الجلاد التي قادت الضحية إلى سلخانه هم وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.
يا له من مشهد يمزق نياط القلب! هذا الطفل لم يعد طفلًا، لقد سُلبت منه طفولته، اغتُصبت براءته، ودُنست روحه. لقد تركوا في داخله فراغًا أسودًا لن يملأه الزمن، وندوبًا غائرة ستبقى تنزف ألمًا مدى الحياة. أتخيل هذا الطفل، جسده الصغير ينتفض ألمًا ورعبًا، وعيناه الصغيرتان اللتان كانتا تبرقان براءة تحولتا إلى بحيرتين مظلمتين من الخوف. أتخيل صمته المطبق، هذا الصمت الذي يصرخ أعلى من أي صوت، خوفًا من تهديداتهم الحقيرة بذبح أغلى ما يملك – أبيه وأمه! أي وحشية هذه؟ أي تجرد من الإنسانية؟ أي مستقبل ينتظر روحًا شوهت بهذه الطريقة؟ هل سيتمكن هذا الطفل يومًا ما من الوثوق بظلّه؟ هذا الجرح ليس مجرد ندبة، بل هو بئر عميق من الألم لا قاع له، سيظل يطارده في يقظته وأحلامه.
وها نحن اليوم نشهد عدالة السماء تتحقق على أرض مصر الطيبة، ونشكر قضاء مصر النزيه الذي أنصف هذا الحمل الوديع وأظهر الحق جليًا. لقد أصدرت محكمتنا العادلة حكمًا تاريخيًا بالمؤبد على هذا الذئب البشري، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة. إن هذا الحكم الرادع هو بمثابة بلسم على جراحنا، وإن كان لن يمحو أثر الجرح الغائر في قلب يسين، إلا أنه يمثل خطوة هامة نحو تحقيق العدالة وراحة الضمير.
هذه ليست جريمة عادية، بل هي جريمة ضد الإنسانية بأسرها. إنها فضيحة تهز أركان المجتمع، وتكشف عن وحوش آدمية تعيش بيننا. فكان لزاماً علينا أن نثور غضبًا، أن نزلزل الأرض تحت أقدام هؤلاء المجرمين، وأن نطالب بأقصى العقوبات التي لم يشهدها التاريخ.
يجب أن نحمي أطفالنا، حصننا الأخير وأملنا في المستقبل. يجب أن نجعل مدارسنا ملاذًا آمنًا، لا مسلخًا للطفولة. يجب أن نقتلع هذه الجذور الخبيثة التي تهدد براءة أطفالنا، وأن نجعل من هذه القضية عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بأطفالنا.
يا أصحاب الضمائر الحية، استيقظوا! فقد مضى وقت الصمت والتخاذل .و يجب أن يكون صوتنا مدويًا، غضبنا بركانًا، ومطالبتنا بالعدالة طوفانًا يجرف كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة.
فليعلم هؤلاء المجرمون أننا لن نرحمهم، وأن عدالة السماء والأرض ستلاحقهم أينما ذهبوا. وليعلموا أن دماء هذا الطفل البريء لن تضيع هدرًا، وأن صرخات ألمه ستظل تطارد أرواحهم المريضة إلى يوم الدين.
اللهم ارحم هذا الطفل، واشف جراحه، واجبر كسره، وأرنا في هؤلاء المجرمين أشد العذاب دنيا وأخره .
اللهم آمين يارب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى