كتبت د. عبير عاطف
المصروف العاطفي وأهميته في الحياة الزوجية وتربية الأبناء .
الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، وهي كيان يقوم على أسس متينة من الحب، والمودة، والتفاهم. وكما تحتاج الأسرة إلى دخل ثابت وميزانية مالية منتظمة لتأمين احتياجاتها الأساسية من مأكل وملبس ومسكن، فإنها تحتاج أيضًا إلى ميزانية عاطفية تضمن استقرار المشاعر وتعزز الروابط بين أفرادها.
الزوجان، باعتبارهما عماد الأسرة، مسؤولان عن توفير بيئة مستقرة وسعيدة، ولا يتحقق ذلك بالمال فقط، بل بالمشاعر الصادقة والتواصل العاطفي المستمر. فكما أن نقص المال قد يؤدي إلى اضطراب الحياة اليومية، فإن نقص المصروف العاطفي قد يؤدي إلى فتور المشاعر وجفاف العلاقة الزوجية. وكذلك الأمر بالنسبة للأبناء، فهم لا يحتاجون فقط إلى توفير الطعام والملابس والتعليم، بل يحتاجون إلى تغذية عاطفية مستمرة تمنحهم الإحساس بالأمان والمحبة.
ما هو المصروف العاطفي؟
المصروف العاطفي هو كمية المشاعر الإيجابية التي يحتاج الزوج إلى منحها لزوجته، والأبوان لأبنائهما، بانتظام للحفاظ على توازنهم النفسي والعاطفي. يتضمن هذا المصروف أمورًا مثل الكلمات الطيبة، والتقدير، والتشجيع، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، تمامًا كما يحتاج الإنسان إلى ميزانية مالية منتظمة لتأمين متطلباته الحياتية.
“المصروف العاطفي بين الزوجين”
*أهمية المصروف العاطفي للزوجة
1. تعزيز الأمان العاطفي: عندما تشعر الزوجة بالحب والتقدير، فإن ذلك يزيد من إحساسها بالأمان في العلاقة.
2. تقوية العلاقة الزوجية: التواصل العاطفي الدائم يعزز مشاعر الحب والمودة بين الزوجين.
3. تقليل المشاكل الزوجية: غالبًا ما تنشأ الخلافات بسبب الشعور بالإهمال أو عدم التقدير، لذا فإن المصروف العاطفي يقلل من هذه المشكلات.
4. تحسين الصحة النفسية: المرأة التي تشعر بالسعادة في علاقتها تكون أكثر استقرارًا نفسيًا وأقل عرضة للقلق والتوتر.
5. زيادة العطاء المتبادل: عندما تحصل الزوجة على دعم عاطفي كافٍ، فإنها تكون أكثر استعدادًا للعطاء في المقابل.
“عناصر المصروف العاطفي بين الزوجين”
1. الكلمات الطيبة: مثل عبارات التقدير (“أنتِ رائعة”، “أنا محظوظ بكِ”).
2. الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة: ملاحظة التغيرات في مزاجها أو مظهرها وإبداء الاهتمام بها.
3. الاحتواء والدعم النفسي: الوقوف بجانبها في لحظات الحزن أو التوتر، والاستماع إلى مشاعرها دون إصدار أحكام.
4. المفاجآت البسيطة: هدايا رمزية أو كلمات حب غير متوقعة تعطي إحساسًا بالاهتمام.
5. الوقت النوعي: تخصيص وقت للحديث أو للخروج معًا دون انشغال بالعمل أو الهاتف.
6. التواصل الجسدي: العناق، الإمساك باليد، واللمسات البسيطة التي تشعرها بالحب.
7. التقدير العلني: التعبير عن الامتنان لها أمام الآخرين، مما يزيد من شعورها بالقيمة.
الاقتداء برسول الله ﷺ في التقدير العاطفي للزوجة
كان النبي ﷺ قدوة عظيمة في مراعاة المشاعر والاهتمام بالتفاصيل العاطفية، رغم مسؤولياته الكبيرة. ومن أعظم المواقف التي تبين ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قالت:
قال لي رسول الله ﷺ:
“إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية، وإذا كنتِ عليّ غضبى.”
فقلت: من أين تعرف ذلك؟
فقال: “أما إذا كنتِ عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ عليّ غضبى، قلتِ: لا ورب إبراهيم.”
فقلت: أجل، والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.(رواه البخاري ومسلم)
ما نتعلمه من هذا الموقف:
1. اهتمام النبي ﷺ بمشاعر زوجته حتى في أدق التفاصيل.
2. تعامله بلطف مع غضبها، فلم يغضب منها أو يوبخها.
3. تواصله العاطفي الذكي، حيث أظهر معرفته بمشاعرها بطريقة لطيفة ومرحة.
4. عدم التصعيد في الخلافات، بل استخدم أسلوبًا حواريًا هادئًا.
“المصروف العاطفي للأبناء”
كما تحتاج الزوجة إلى المصروف العاطفي، فإن الأبناء يحتاجون إلى ميزانية ثابتة من الحب والاهتمام، حيث يؤثر ذلك بشكل مباشر على نموهم النفسي وسلوكهم الاجتماعي.
“أهمية المصروف العاطفي للأبناء”
1. تعزيز الثقة بالنفس: الطفل الذي يشعر بالحب والتقدير ينمو بشخصية واثقة وقوية.
2. تحسين العلاقة بين الوالدين والأبناء: العلاقة العاطفية الجيدة تبني جسورًا من التواصل والثقة بين الأهل وأطفالهم.
3. تقليل المشكلات السلوكية: الأطفال الذين يحصلون على اهتمام عاطفي كافٍ يكونون أقل عرضة للتمرد أو التصرف بعدوانية.
4. توفير الأمان النفسي: المصروف العاطفي يجعل الطفل يشعر بالأمان، مما ينعكس على تحصيله الدراسي وسلوكه الاجتماعي.
5. تعزيز القيم الإيجابية: عندما يشعر الطفل بالحب، يكون أكثر استعدادًا لتعلم القيم الأخلاقية واحترام الآخرين.
“أشكال المصروف العاطفي للأبناء”
1. الكلمات الإيجابية: “أنا فخور بك”، “أحبك كثيرًا”، “أنت مميز”.
2. الاحتضان والتواصل الجسدي: لمس الكتف، العناق، والتربيت على الرأس يمنح الطفل شعورًا بالأمان.
3. الوقت النوعي: اللعب مع الطفل، قراءة قصة معه، الجلوس لمناقشة يومه.
4. الاستماع الفعّال: منح الطفل فرصة للتعبير عن مشاعره دون مقاطعة أو تقليل من شأنها.
5. التشجيع والدعم: تحفيز الطفل عند تحقيقه أي إنجاز، مهما كان صغيرًا.
6. المفاجآت البسيطة: هدايا صغيرة أو كلمات تشجيعية تعزز العلاقة بين الأهل والطفل.كان النبي ﷺ يعامل الأطفال بحب واهتمام، ومن ذلك:
كان يقبل أحفاده ويلاعبهم، وقال: “من لا يَرحم لا يُرحم.” (رواه البخاري ومسلم).
كان يمازح الأطفال ويتحدث معهم بلطف.كان يولي الاهتمام بمشاعرهم، كما فعل مع الحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم.
واخيرا .المصروف العاطفي ليس ترفًا، بل هو ضرورة للحفاظ على علاقة زوجية وأسرية مستقرة. وإذا حرص الزوج على منح زوجته الحب والتقدير، وحرص الوالدان على منح أبنائهما الاهتمام والاحتواء، فإن الأسرة ستكون أكثر سعادة واستقرارًا، تمامًا كما كان يفعل رسول الله ﷺ مع زوجاته وأطفاله.
أقرأ التالي
2025-06-14
إعلام إيراني: مقتل اثنين من قادة هيئة الأركان في الهجوم الإسرائيلي
2025-06-11
صوامع وشون الشرقية تستقبل ٥٩٤٧٣١ طن و ٧٤٩ كيلو من الأقماح المحلية.
2025-06-11
وزير الاتصالات يشهد تخريج برنامج القانون والتكنولوجيا
2025-06-11
محافظ المنيا : ضبط 140 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية مكبرة على الأسواق
2025-06-05
ضمن مشروع “المصريون يتعلمون” تسجيل 47 فصلا ً لمحو الأمية وتعليم الكبار بمركز مطاى بالمنيا
2025-06-05
رئيس جامعة كفرالشيخ يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول عيد الاضحي المبارك
2025-06-03
فتح باب التقدم لمشروعات بحثية في مجال ” توطين صناعة الألبان في مصر” بجامعة سوهاج
2025-05-30
تحت شعار “الشباب أولًا”.. ندوات حوارية في قرى المنيا
2025-05-29
رئيس حكومة الإحتلال يعلن موافقته على “خطة ويتكوف”لهدنة مؤقتة في غزة
2025-05-29
تعرف على اهم توجيهات محافظ شمال سيناء بخصوص امتحانات الازهر الشريف
زر الذهاب إلى الأعلى