مقالات

من الأخر

من الأخر

من الأخر

بقلم  يحي خليفه

أفضل وسيلة لتكسب جدلا ما .. أن لا تشترك فيه .. حيث جلست يوما إلى شخص عرفت .. كان هاويا للنقاش محبا للجدال . . وما أكثر ما كان يتكلم وما اقل ما كان يصمت .. لم يدع جدالا يهمه إلا ودخله ولا رأيا يخنقه إلا وباح به .. كسب في ذلك ما كسب وخسر في ذلك ما خسر ..

وفي أحدى لحظات هدوءه القليلة ..سألته يا سيدي .. يامن صناعتك الكلام .. علمني الكلام وفن الحوار .. التفت لي بتثاقل و تمتم بكلمات حفظتها من فوري عن ظهر قلب .. وهاأنذا أنقلها إليكم بقليل من التبديل و بأقل ما يكون من التحريف .. قال لي بابني .. إن عزمت على الكلام فأنظر من تكلم .. إن كلمت سفيها فأنت مثله .. وإن جادلت وضيعا فهو لك ند .. فاختر لنفسك  في جدالك من تحب أن تكون أنت وهو سواء .

بابني إني لن أحاور من اثق في جهله .. فحتى وإن كان عالما بما سأناقشه فيه فلن يتمكن من إقناعي أو إخراجي عن خطأي في ما إذا كنت خاطئ لأني من البداية أعلم اني لن آخذ عنه فهو على زعمي .. لا يعلم ..

حين أحاور فإني لن أحاور شخصا في مزاج غير جيد مثلما لن أحاور شخصا حين يكون مزاجي كذلك .. ومن البديهي أيضا أني لن اختار غير الوقت والمكان المناسبين للحوار .. هل قلت اني لن اختار الموضوع المناسب أيضا؟ لابد من دقة الاختيار إن كنت أريد الخروج بشيء من هذا الحوار.

لن أحاور من اعلم عنه يقينا فساد الرأي والفكر .. فإنه إن لم يفسدني بفساده فهو على أقل تقدير لا يريد لي الفائدة .. فإن كنت املك الكثير من الوقت والجهد والأعصاب .. وأردت أنفاق كل ذلك جدال لا فائدة منه فلا أسهل من اختيار أحدهم ولأبدأ معه النقاش.

ماذا إن قررت الاشتراك في حوار ما ؟ سأضع نفسي دائما موضع من أناقشه .. وسأعرض عليها كل ما أريد قوله أولا .. ولأسألها .. إن قيل لي مثل هذا ترى ما هو الرد المناسب .. وعليه فلن أضع في نقاشي من الكلمات والعبارات ما اكره أن يوجه لي كما أني لن اتجه بالحوار إلى منحى لا أحب أن أؤخذ إليه.

إن كان النقاش يدور حول مسألة عقائدية فينبغي ان أكون في أشد حالات الحذر فلا شيء يحول الإنسان من الوداعة إلى حالة الافتراس أكثر من اللغو في العقائد … وإن خرج محدثي عن طوره فعلي أن التمس له العذر فقد علمت منذ البداية حساسية ما أناقش فيه .

وكما علي الحذر في الخوض في العقائد علي أيضا الحذر المشابه حين أخوض في مثل أعلى .. تستطيع ان تمازح شخصا فتسبه وقد يتقبل منك ذلك ولكن جرب أن تمزح بأحد من والديه وانظر النتيجة .. فإن عزمت الحوار ،، إياك والمساس بالمثل العليا .. يمكنك الالتفاف حولها إن استطعت ولكن لا تحاول الاقتراب أكثر من ذلك إن أردت ان تكسب من محدثك أعصابا هادئة في النقاش.

من الأخر
يحي خليفه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى