Uncategorized

قصة قصيرة الأبيض لا يليق بك

بقلم / وليد محمد حسني

لم يكن هناك احد في الغرفة باستثناءها هي وهو … هما فقط وحدهما … كانت هذه هي فرصتها الوحيدة لتختلي به … لتتحدث إليه …. لتحتضنه وتضمه إلى صدرها ….. اقتربت منه ..
كان ممددا على السرير .. جلست بجواره .. لمسته .. سارت بجسدها قشعريرة … تراجعت سريعا … انتفضت واقفة .. مسحت دمعة سقطت من عينيها …. مازالت تنظر إليه .. كم كانت فرحتها تتضاعف كثيرا عندما تقابله صدفة في أحد الأماكن .. تقف معه طويلا تحادثه ويحادثها .. كانت تسمع صوته .. ترى ضحكاته وقبل رحيلها توعده بالانتظار
أما اليوم فصار أمامها حزينا … كئيبا ليس هو أو ….. ربما ليست هي …. نعم هي التي اخلفت الوعد وليس هو
هي التي لم تنتظر وليس هو
– ” إذن أنت غاضب مني ؟ أليس كذلك ؟ هل ستحرمني منك ؟ أعلم أني خنتك وخنت نفسي قبل أن أخونك ولكن …. ”
فجأة انفتح الباب وانظلقت زغروطة تبعتها أخرى انتفض جسدها على أثرها فزعا .. التفتت وراءها وجدت صديقتها العروس ومعها بعض الأقارب والصديقات والتفوا جميعا حول الفستان الممدد على السرير وسط الغناء والرقص و….. دموعها
” عقبالك ”
ترددت حولها هذه الكلمة كثيرا وقيلت لها اكثر كانوا يرددون هذه الكلمة بين مزيج من البهجة والاعتياد والصدق احيانا ولكن لم يخطر ببالهم ابدا ان هذه الكلمة كانت سكين تطعن قلبها في كل مرة تقال لها
كانت ” أميرة ” مثلها مثل كل البنات اللاتي في مثل عمرها تحلم بهذا اليوم اجمل يوم في حياة اي بنت يوم زفافها .. الفستان الأبيض …. الأصدقاء …. الفرحة …. الزغاريد …….
ولكنها تعجلت الفرحة وقطفت الثمرة قبل نضجها وسلمت قلبها سريعا مع اول من طرق بابه ولم تكن تعرف أن من يسلم قلبه أولا يسلم عقله ايضا معه دون ان يشعر وبورقة زواج اسموها عرفية وهي في حقيقة الأمر زنا بورقة رسمية سقطت وسقط معها كل شيء … طهارتها … شرفها … حتى قلبها الصغير البرئ تبرأ منها
طعنها بطعنات رجولته الوهمية فأنجبت جرحا ظل يطاردها بعلامته الأبدية
حاولت تلمسه مرة ثانية لتحمل الفستان وتعطيه لصديقتها ولكنها أيضا تراجعت .. هل كان يرفض الفستان يدها ؟
كانت تريد أن تصرخ ألا تريدني أن ألمسك ؟ أتخاف أن أدنس طهارة بياض لونك ؟ أم تراني لا أستحق شرف حملي لك ؟
” امسحي دموعك يا بنيتي ” قالتها والدة صديقتها بحنان كبير واحتضنتها فقد كانت تعرف كل شيء عنها عن تلك اللعنة التي اصابتها عن تلك الورقة اللعينة التي أذلت كرامتها ودنست طهارتها واغتالت احلامها البريئة فما اصبحت لتثبت شيء فلا هي متزوجة ولا …….
تلك الورقة اللعينة التي اصابت لعنتها كل من احبوها بصدق والدها الذي غضب عليها وامها التي اقعدتها المرض بعد ما عرفته عن ابنتها
همست في اذنها قائلة لها :
” هيا يا حبيبتي افرحي مع صديقاتك وربنا هيجعل لك مخرج …. هيا خذي الفستان وساعدي هالة في ارتدائه ”
حاولت مع صديقات هالة أن تحمل الفستان ولكنها سمعت صوته نعم صوته فهي تعرف صوته منذ ان كانت طفلة تراه في نافذة المحلات تحدثه ويحدثها … نعم انه صوته هو ….. اذهبي … ابعدي عني … فالأبيض لا يليق بك
اتركيني لمن يستحقه
وسط الفرحة الحقيقية التي تملأ كل اركان البيت وتجمع الاحباب والاصدقاء انسحبت أميرة بهدوء دون أن يشعر بها أحد لتغادر المنزل ومازال صوت الفستان يتردد في أذنها :
أمحي خطاياك وتطهري أولا …….. فالأبيض لا يليق بكِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى