هَلْ تَمْتَلِكُ عَقْلَ فَأْرٍ ؟
بِقَلَمِ وَلِيدِ مُحَمَّدِ حُسْنِي
لَا تَتَعَجَّبُ كَثِيرًا مِنْ هَذَا التَّسَاؤُلِ أُرِيدَكَ فَقَطْ أَنْ تَسْأَلَ نَفْسَكَ هَلْ تَسْتَيْقِظُ مِنَ النَّوْمِ وَأَنْتَ تَحْمِلُ فِي رَأْسِكَ عَقْلِيَّةَ إِنْسَانٍ أَمْ عَقْلِيَّةَ فَأْرٍ ؟ قَبْلَ أَنْ تَتَسَرَّعَ وَتَقُولَ طَبْعًا إِنْسَانٌ .
دَعْنِي أُوَضِّحُ لَكَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
يَقُولُ د. أَرُونْ بِيكْ أُسْتَاذُ عُلُومِ الْإِحْسَاسِ الْإِنْسَانِيِّ بِجَامِعَةِ بِنْسِلْفَانْيَا:
( الْفَرْقُ بَيْنَ عَقْلِ الْفَأْرِ وَعَقْلِ الْإِنْسَانِ هُوَ أَنَّ عَقْلَ الْإِنْسَانِ يَعْرِفُ أَنَّ الْهَدَفَ مِنْ الْحَيَاةِ لَيْسَ امْتِلَاكَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا إِلْتِهَامَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَكِنْ لَابُدَّ مِنْ التَّوَازُنِ بَيْنَ مَا امْتَلَكَهُ وَبَيْنَ احْسَاسِي بِالسَّعَادَةِ
أَمَّا عَقْلُ الْفَأْرِ هُوَ عَقْلٌ يُفَكِّرُ بِالْأَنْيَابِ وَالتَّرَصُّدِ فَهُوَ يَتَرَصَّدُ دَائِمًا الأنْفَاقَ الْمُظْلِمَةَ وَيُدَرِّبُ أَنْيَابَهُ عَلَى أَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ دُونَ أَنَّ بِتَوَازُنٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَقَطْ يَأْكُلُ كُلَّ مَا أَمَامَهُ وَيَتَكَاثَرُ بِسُرْعَةٍ رَهِيبَةٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَكْثُرَ عَدَدُ الْفِئْرَانِ تَبْدَأُ رِحْلَةُ الِانْتِحَارِ الْجَمَاعِيِّ لِلْفِئْرَانِ وَغَالِبًا مَا يَقِفُ الْإِنْسَانُ لِيَرَى ظَاهِرَةَ انْتِحَارِ الْفِئْرَانِ وَهُوَ يَتَسَاءَلُ لِمَاذَا هَذَا الْغَبَاءُ )
هَلْ أَنْتَ فِي عَمَلِكَ تَسْتَخْدِمُ عَقْلِيَّةَ الْفَأْرِ الَّذِي يُرِيدُ الْتِهَامَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْوُصُولَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمْ عَقْلِيَّةُ الْإِنْسَانِ الَّذِي يُوَازِنُ بَيْنَ الِاحْتِيَاجَاتِ وَالْمَسْؤُولِيَّاتِ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَالْخَيَالِ بَيْنَ الْمَادِّيَّاتِ وَالرُّوحَانِيَّاتِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ ؟
هَلْ أَنْتَ فِي بَيْتِكَ مَعَ أُسْرَتِكَ تَسْتَخْدِمُ عَقْلِيَّةَ الْفَأْرِ الَّتِي تُرِيدُ الْحُصُولَ عَلَى كُلِّ الْحُقُوقِ دُونَ مُرَاعَاةٍ لِأَحَدٍ دُونَ تَقْدِيمِ أَيِّ تَنَازُلَاتٍ فَقَطْ تَأْخُذُ وَلَا تُرِيدُ الْعَطَاءَ
عَلَيْنَا أَنْ نُفَكِّرَ مَلِيًّا وَنَتَأَمَّلَ حَيَاتَنَا وَسُلُوكِيَّاتِنَا حَتَّى لَا نُصْبِحَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْفِئْرَانِ الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ بِأَنْيَابِهِمْ
فِكَّرَ فِي نِهَايَتِهِمْ هَلْ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ النِّهَايَةُ أَيْضًا مُتَشَابِهٌ مَعَكَ هُمْ قَدْ يَنْتَحِرُونَ مَادِّيًّا أَمَّا أَنْتَ فَانْتِحَارُكَ سَيَكُونُ مَعْنَوِيًّا تَفْقِدُ فِيهِ طَعْمَ السَّعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ .
فَعَلَيْكَ بِالسِّبَاحَةِ فِي بَحْرِ الْحَيَاةِ بِتَوَازُنٍ حَتَّى تَتَحَقَّقَ لَكَ السَّعَادَةُ الْحَقِيقَةُ وَلَيْسَ وَهُمُ السَّعَادَةُ الَّذِي تَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّهُ يُؤْسِفُنِي أَنْ أُخْبِرَكَ أَنَّكَ قَدِ اضَعْتَ عُمْرَكَ بَاحِثًا عَنْ مَاءٍ يَرْوِي عَطَشَكَ فَوَجَدْتُهُ فِي النِّهَايَةِ مُجَرَّدَ سَرَابٍ.
وَالْآنَ دَعْنِي أُكَرِّرُ لَكَ السُّؤَالَ
هَلْ تَمْتَلِكُ عَقْلَ إِنْسَانٍ أَمْ عَقْلَ فَأْرٍ ؟