“أبو سمبل” معجزة هندسية معمارية
كتب نصر سلامة
اعتاد المصري القديم علي الإهتمام ببناء المعابد والمقابر علي مر العصور المصرية، وكان يستخدم لبنائها أصلب أنواع الحجر في حين لم يهتم كثيرا بالمنازل التي كان يعيش فيها.
وكان هذا اعتمادا علي معتقداتهم بأن حياتهم الدنيا لن تدوم طويلا وان بقائهم بالمقابر سوف يكون لألاف السنين فكان الإهتمام بمنازل الدار الآخرة أكبر بكثير من منازل الحياة الدنيا، ونفس الأمر بالنسبة للمعابد التي أرادوا التقرب من خلالها الي معبوداتهم.
يعتبر الملك رمسيس الثاني من أشهر ملوك مصر الذين حفروا معابدهم بالصخر، ولم يكن معبده بابوسمبل هو الوحيد المحفور بهذه الطريقة، بل له معابد أخري مثل بيت الوالي والسبوع والدر وجرف حسين منحوتين أيضا في الصخر.
هل بناء المعبد من الحجر يختلف عن نحته في الصخر؟
تختلف الطريقتين بطبيعة الحال، فنجد أن بناء المعبد من الحجر يحتاج الي الحفر في أرضية المعبد بعمق مناسب لوضع أساس من بلوكات حجرية تتحمل ضخامة وارتفاع المعبد ثم جلب بلوكات الحجر لبناء المعبد.
أما نحت المعبد في الصخر فلن يحتاج حفر أساسات اعتمادا علي طبيعة صخر الجبل المنحوت فيه ولا نقل بلوكات حجرية لوجود كتلة صخرية سوف يتعامل معها ولكن يحتاج الي مهارة عالية في دقة الرسم الهندسي ودقة الحفر والنقوش والكتابات التي تتم داخل عمق الجبل حيث الظلام التام.
ولو عقدنا مقارنة بين أسلوب بناء المعبد بالحجر أو نحته داخل جبل سنجد أن أسلوب النحت أصعب بكثير واقوي للبقاء لفترة أكبر من البناء لانه يكون عبارة عن وحدة واحدة.
يمثل معبد ابو سمبل إحدي معجزات الهندسة المعمارية في العالم القديم.
استغرق نحت المعبد حوالي ٢٠عاما…وتم تنفيذ محور المعبد بحيث يسمح باختراق أشعة الشمس إلي قدس الأقداس مرتين كل عام يومي ٢٢اكتوبر و ٢٢ فبراير لتحتضن بنورها تمثال الملك وتمثالي رع حور اختي معبود عين شمس وآمون رع معبود طيبة… بينما لا تنير تمثال بتاح معبود منف.
أول من ذكر هذا المعبد هو المستشرق الألماني بورخارت في مارس ١٨١٣ حيث رأي الجزء العلوي من تماثيل المعبد ثم تمكن الإيطالي جيوفاني في أغسطس ١٨١٧من رفع الرمال التي كانت تغطي المعبد.
وكانت إميليا ادواردز أول من سجلت ظاهرة تعامد أشعة الشمس داخل قدس أقداس المعبد عام ١٨٧٤.
ذكر د. ثروت عكاشة وزير الثقافة وقتها في كتابة انسان النوبة انة في أواخر الخمسينات من القرن الماضي فوجئ بزيارة من السفير الأمريكي ومدير متحف المتروبوليتان يعرضا علية شراء معبد او اثنين من معابد النوبة التي ستغرق بعد مشروع السد العالي… ورد عليهم بانه كان يتوقع أن يعرضا علية المساعدة في إنقاذ المبعدين بدلا من التفكير في تحويل هذا التراث الإنساني لسلعة تباع وتشتري….ومن هنا بدأت فكرة الإنقاذ.
تكلف مشروع إنقاذ المعبد حوالي ٤٠ مليون دولار أي ما يوازي مبلغ ١٤ مليون جنية مصري في ذلك الوقت.
كانت الأيدي العاملة بالكامل من العمال المصريين وكان الإتفاق أن لا يزيد سمك القطع عن ٦ مللي ونجح العمال المصريين في تحقيق أقل من هذا حيث بلغ سمك القطع ٤ مللي فقط.
بلغ إجمالي عدد القطع حوالي ١٠٤٢ قطعة بما يوازي ٢٥٠ ألف طن.
نقل المعبد علي بعد ١٨٠ متر غرب مكانة الأصلي ويرتفع حوالي ٦٤ متر عن سطح الأرض.
شارك حوالي ٢٠٠٠ عامل مصري في تنفيذ المشروع.
ترجع تسمية ابو سمبل إلي اسم فتي صغير كان يرشد المستكشفون لموقع المعبد مما جعلهم يطلقون اسمه على المنطقة كلها.