اليأس يخيم على أسر المحتجزين الإسرائيليين في غزة بعد دخول أزمتهم الشهر الرابع
متابعة / محمد نجم الدين وهبى
مع دخول أزمة احتجاز المقاومة الفلسطينية لإسرائيليين في غزة شهرا رابعا، يزداد ألم أسرهم مع مرور الوقت، وتتضاءل الآمال في التوصل إلى اتفاق لتحريرهم، في ظل تحول اهتمام العالم إلى أمور أخرى.
وتجتذب مظاهرات أسبوعية آلاف المشاركين، لكن تطورات مثل عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، والخلافات السياسية حول مستقبل غزة بعد الحرب، جعلت أسر المحتجزين الإسرائيليين تشعر على نحو متزايد بتراجع الاهتمام بمحنتهم.
كانت ريبيكا بريندزا مسؤولة تنفيذية كبيرة في شركة ناشئة بتل أبيب لكنها تركت عملها وانضمت إلى إحدى مجموعات المساندة النفسية لأسر المحتجزين والتي تشكلت بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وقالت: «هناك شعور باليأس، نوعا ما».
وأضافت: «يشعر الكثيرون منا وكأن العالم توقف في السابع من أكتوبر.. أعتقد الآن أن ما نراه هو أن العالم يمضي قدما» في اهتمامه بشؤون أخرى.
ومن بين نحو 240 تم احتجازهم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أطلقت حماس سراح نصفهم تقريبا خلال هدنة قصيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وحازت قصص المحررين على اهتمام وسائل إعلام عالمية، ومنهم إميلي هاند (9 سنوات) وميا ليمبرج (17 عاما) والتي ظلت محتجزة لمدة شهرين مع كلبتها ويوشيفيد ليفشيتز (85 عاما) والتي قالت إنها واجهت رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار لدى زيارته أحد الأنفاق.
وتسود حالة من عدم اليقين بين أسر أولئك الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
وعادت من القطاع شارون ألوني كونيو (34 عاما) التي تعيش في تجمع نير عوز السكني مع طفلتيها التوأمتين البالغتين من العمر 3 أعوام لكن زوجها ديفيد لا يزال محتجزا هناك، وقالت: «كل دقيقة هناك حرجة، كل دقيقة ينتظرونها أو يتأخرون فيها عن إطلاق سراح الرهائن يمكن أن تكلفهم حياتهم»ز
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام جلسة برلمانية خاصة في ديسمبر/ كانون الأول إن إعادة جميع المحتجزين «مهمة مقدسة» بالنسبة لإسرائيل والتقى بأسر المحتجزين في مناسبات عدة.
لكنه في الوقت ذاته يصر على أن أفضل طريقة لإجبار حماس على إطلاق سراح المحتجزين هي الضغط العسكري.
وقال أمس السبت: «لن نمنح حماس أي حصانة على الإطلاق».
وبينما تواصل إسرائيل حربها، يقول مسؤولون إنها قد تستمر معظم العام المقبل، تشير الدلائل إلى أن أولوية الحكومة تتمثل في إلحاق الهزيمة بحماس وقتل أو أسر كبار قادتها مثل السنوار أو قائد الجناح العسكري محمد الضيف.
وقال أفيف بوشينسكي، المحلل السياسي الذي عمل مع نتنياهو مستشارا في حكومة سابقة: «إنها معادلة مستحيلة.. هزيمة حماس وإعادة المحتجزين إلى ديارهم صار أمرا يتناوله الجميع ولكننا نعلم جميعا أن هذه المعادلة مستحيلة لأن من الطبيعي أن بعضهم أو معظمهم دروع بشرية للسنوار».
عائلات ممزقة
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وارتفاع عدد الشهداء في صفوف الفلسطينيين إلى ما يقرب من 23 ألفا، حسبما ذكر مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني، تحول اهتمام دول العالم إلى ضحايا القصف بعيدا عن المحتجزين والقتلى الإسرائيليين والأجانب الذين لقوا حتفهم في هجوم حركة حماس في اليوم الأول من الحرب وبلغ عددهم 1200 كما تقول إسرائيل.
ويبدو أن المزاج العام بات يختلف تماما عن المشاعر الجياشة التي شوهدت في نوفمبر/ تشرين الثاني عندما تجمع قطاع كبير من الإسرائيليين أمام شاشات التلفزيون لمتابعة عودة أول دفعة من المحتجزين بعد نقلهم إلى بر الأمان في سيارات الصليب الأحمر.
وبالرغم من أن معظم الإسرائيليين يؤيدون العملية العسكرية، فإن العديد من عائلات المحتجزين تأخذ موقفا مختلفا على ما يبدو ولا يعني ذلك بالضرورة رفض الحرب على غزة ولكنهم يدركون الخطر الناجم عن استمرار القتال لفترة أطول.
ولا يُعرف تحديدا عدد المحتجزين الذين ما زالوا على قيد الحياة من أصل 136 يُعتقد أنهم ما زالوا في غزة، لكن السلطات الإسرائيلية أعلنت وفاة 23 منهم على الأقل.
ويمثل مقتل 3 رهائن بالخطأ على أيدي قوات إسرائيلية بعد فرارهم الشهر الماضي درسا قاسيا يوضح المخاطر التي تواجههم.
وقالت شارون ألوني كونيو: «أتفهم أهمية إعادة الأمن إلى المنطقة، خاصة بصفتي ممن يعيشون في مجتمع سكني بجوار السياج، ولكن ليس على حساب مواطنينا.. يجب أن يأتي المواطنون قبل أي شيء آخر».
وبالنسبة للمفرج عنهم سيتعين عليهم أن يتعايشوا مع ذكرى المحنة ومعظمهم لا يمكنهم العودة إلى منازلهم بالقرب من غزة بسبب استمرار غزو القطاع الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول، فيما يواجه المحتجزين الذين لم يطلق سراحهم بعد مستقبلا غامضا.
وقالت ألوني كونيو: «لم شمل العائلات أمر رائع ومؤثر، قلوبنا لا تزال (مع المحتجزين) في غزة وهذا ليس مجرد كلام. لقد تمزق شمل العديد من الأسر».
