مقالات

رفع الدعم: خطوة شجاعة أم مخاطرة كبيرة؟

كتب: خالد عبدالحميد مصطفى
تُعتبر سياسات رفع الدعم عن السلع والخدمات من القضايا الحسّاسة في الكثير من الدول، وخاصة تلك التي تعاني من أزمات إقتصادية وضغوط مالية. تهدف الحكومات من خلال رفع الدعم إلى تخفيف العبء عن الميزانية العامة وتوجيه الموارد لتحسين الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والبنية التحتية. لكن هذه الخطوة غالباً ما تُقابل بمخاوف وإحتجاجات شعبية، إذ يتساءل الكثيرون: هل رفع الدعم خطوة شجاعة تستند إلى رؤية طويلة الأمد، أم مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى تفاقم معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة؟
من جهة، يُعتبر رفع الدعم خطوة شجاعة في نظر العديد من الخبراء الإقتصاديين، حيث يسمح بتحرير الإقتصاد وتشجيع الإستثمار الخاص وتعزيز التنافسية. كما يُمكن توجيه الأموال التي كانت تُنفق على الدعم نحو تحسين القطاعات الحيوية وتطوير مشاريع التنمية المستدامة. بهذا، يمكن للإقتصاد أن يحقق نمواً مستداماً على المدى الطويل ويضمن إستقراراً مالياً أكبر.
على الجانب الآخر، هناك مخاطر حقيقية ترتبط برفع الدعم، أبرزها زيادة الأعباء على كاهل المواطنين من ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة. فعندما يتم رفع الدعم عن سلع أساسية مثل الوقود أو المواد الغذائية، ترتفع أسعارها، مما يؤدي إلى إرتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام. هذا الإرتفاع في الأسعار قد يؤدي إلى تصاعد معدلات الفقر والبطالة، وربما إلى إضطرابات إجتماعية.
رفع الدعم الحكومي، رغم ما قد يترتب عليه من أعباء قصيرة المدى على المواطنين، إلا إنه يحمل فوائد مستقبلية كبيرة. فهو يساعد في إعادة توجيه الموارد نحو مشاريع تنموية مستدامة وتحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. كما يساهم في تعزيز إستقرار الإقتصاد الوطني من خلال تقليل العجز في الميزانية والحد من الإقتراض الخارجي. على المدى الطويل، يؤدي رفع الدعم إلى تحفيز القطاع الخاص وزيادة فرص الإستثمار، مما يخلق وظائف جديدة ويحسن مستوى المعيشة. دول مثل مصر وتونس والأردن إتخذت خطوات مشابهة في رفع الدعم التدريجي عن الوقود والسلع الأساسية، إلى جانب دول مثل الهند والبرازيل والمكسيك، التي حققت فوائد إقتصادية ملموسة من خلال هذه السياسات، حيث ساعدت تلك الخطوات في تحسين النمو الإقتصادي وتقليل إعتماد المواطنين على الدعم المباشر.
ختاماً” يُعد رفع الدعم قراراً ذا أبعاد متعددة وتأثيرات معقدة. النجاح في تنفيذه يتطلب توازناً دقيقاً بين تحقيق الإستقرار الإقتصادي وضمان العدالة الإجتماعية. يجب على الحكومة أن تكون شفّافة في توضيح أسباب هذا القرار، وأن تتخذ تدابير وقائية لدعم الفئات الأكثر تضرراً، وذلك لتجنب وقوع آثار سلبية تؤثر على إستقرار المجتمع وسلامته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى