العمر أقصر من أن نغامر به في متاهة الإنتظار
كتب – د.صالح العطوان الحيالي
الإنتظار مؤلم والنسيان مؤلم أيضا، السعادة الوحيدة التي تقوم على انتظار السعادة.
إن الانتظار مؤلم هكذا وصفه البعض ولعلهم صادقين بهذا الوصف ، لأن الانتظار يؤلمنا فعلا ويجعلنا نتوقف عن فعل ما يجب فعله ، وانتظار جزءا كبير من تجربتنا الوجودية ، حتى اعتدنا عليه من يأس محكوم بالخيبة، لأننا بقدر ما ننتظر نحمل أنفسنا ضريبة الوجود المحتمل ، فنحن اعتدنا على الإنتظار ، انتظار ما سيأتي وما قد لا يأتي، وانتظار المجهول ، إلى أن صار المعلوم مجهولا من كثرة انتظارنا له . الانتظار لعبة لعينة تجعلنا محملين بأمل، ننتظر أن تعي أوضاعنا، وأن يصير مستقبلنا كما نتوقعه ، وأن تتحقق أمانينا، لكن الانتظار الذي يطول يدفعنا إلى اليأس.
أن أصعب الأشياء هو انتظار حدوث شيءدون أن يحدث وعندما يطول الإنتظار يشعر الإنسان بالحزن ويبدأ بفقدان الامل تدريجيا .فالانتظار مؤلم والنسيان مؤلم أيضا لكن معرفة أيهما تفعل هو أسوأ أنواع المعاناة ، وأن الانتظار مؤلم نعم ولكن في الانتظار ميزة وهي الشوق وكما قيل هل للشوق وزن .
علَّمتني الحياة دورساً غالية ، علَّمتني ألّا أنتظر .
الإنتظارُ قلقٌ دائم ، وأن أطمئِنَّ بأنَّ كلََّ ما سيكون لي سيأتي .
علَّمتني ألّا أتعلَّق أو أتمسّك ، فكلّ من يُريدَني سيبقى ، وكل من يَستغني عني سيرحل…!!
علًمتني أن لا أتخيًَل مكانتي في قلوب البشر ، مكانتي سَتظهر في أفعالهم معي وكلامهم لي..!!
علًمتني أن من يُحبّ لا يجرح ، ومن يقسو لايُحبّ … تمر الأيام والسنين وتبقى الحياة دروس لا تُنسى..!
ونبقى ننتظر الفرج من الذي عينه لاتنام.
هُنالك تفاصيل لا تُحكى إلا لله !
ولو بثثتها للبشر ستَتَفاقم ولن يَزيدوكَ إلّا حرجاً وثقلاً وتعسيراً ، والنادرُ منهم من يقول لك : أعانك الله .
إختصرها واذهب لِمن يَعينَك حقّاً ، لمن يُساندك حقّاً ، لمن يُبدل حالك حقّاً .
إذهب لمن يفرح بقدومك ، لمن يقول أنا عند ظنّك ، لمن يقول إنّي قريب منك ، إشتكِ لمن وعَد أنَّ بعدَ العسرِ يسراً ، إشتكِ لِمن يُحب أن يسمعَ شكواك ، لا من يَنفر منها.
والجميل يا صديقي في خلوتك مع الله : لن يأتيك الإحراج لو ذرفَت عيناك ، أو تلعثمَت كلماتك ، أو تكركَبَ لسانك فالضّعف بين يديه عزةٍ وقُوه !.