وباء السوشيال ميديا
كتب/ محمد محمود مهدي
بالأمس القريب كانت لعزة النفس والكرامة ثمن وقيمة وكان لكل منا أسراره وخصوصيته وصندوقا أسودا لا يعلم ما بداخله سوى صاحبه ، لا يعرف أحدا ما تحوي البيوت من موائد وابتلاءات. ؟ماذا يخططون ليومهم ؟ من فيهم مريض ؟ وما سبب مرضه ؟ و…. و… و… الخ
أما بعد انتشار وباء السوشيال ميديا بكافة متحوراته من فيس بوك ، وتيك توك ، وانستجرام ، وغيرها أصبح البيت وأهله مشاعا للجميع .
لقد حولنا وسائل التواصل الاجتماعي من شيء نافع إلى وباء بأفعالنا وثقافتنا المحدودة إلى أداة لهتك أسرار بيوتنا وخصوصياتها ، فهذا يبغي تعاطفا إنسانيا لمرضه في متاجرة إنسانية بغيضة بالمرض ، وهذا يريد فخرا زائفا ، وذاك يريد تقمص دور المصلح الاجتماعي وملك العمل العام حتى ولو تاجر بآلام الناس وأوجاعهم.
لقد حولنا منصات السوشيال ميديا من وسيلة للإعلام إلى أداة لكسب صيت زائف وشهرة بغيضة فأصبح كل من وهب ودب يدعي أنه صحفي وإعلامي وهو في الأصل تافه بالكاد يجيد كتابة بعض الجمل ركيكة الصياغة المليئة بالأخطاء النحوية والإملائية ولا يمت للصحافة والإعلام بصلة بل نجده بدون حتى مؤهل دراسي .
من أنتم ؟ وما هي توجهاتكم؟ وماذا تريدون ؟
هل تعانون من التهميش في الواقع وتبحثون عن مجد زائف من خلال الواقع الافتراضي أم أنكم حفنة من المرتزقة ذوات الأمراض النفسية تسعون لشهرة زائفة ؟
هل سنترك المثقفين والعلماء والمخترعين والمبدعين وسننشغل بتفاهات التريند وتفاهاتكم؟
هل اندثرت القيم والثقافة حتى نشغل بالنا بانحطاطكم الأخلاقي وما تقدموه من محتوى تافه ؟
ألا يكفينا مئات الإعلاميين المنتشرين في القنوات التي تطل علينا بالتفاهات والمحتوى (الهايف) ونزيد الطين بلة بكم !
ماهذا الانحطاط الذي وصلنا إليه ؟
أين الإعلام الحقيقي الذي يناقش القضايا المجتمعية والسياسية والتاريخية والثقافية الذي يساعد في بناء فرد مثقف واعي يقف خلف بلاده وقيادتها وهويتها .
تالله لو كنت مهندسا معماريا لشيدت لكم أيها الغوغاء مدينة بجزيرة نائية ذات أسوارا منيعة وبوابات متينة تسكنون بها حتى لا يخرج علينا ما تقدموه من تفاهات وحتى لا ينتشر وبائكم بيننا .
تالله لو كنت خياطا لخيطت رداءا من الإخفاء يخفينا ويسترنا عن ذلك العالم الافتراضي الوهمي الذي نشرتوه بيننا .
ولو كنت أديبا لسخرت كتاباتي وكلماتي وجعلتها رصاصا أطلقه على فوضويتكم .
من المؤسف أن اترك نفسي وأترك ملايين البشر بين مطرقة أفعالكم وسندان خزعبلاتكم فلا سلاح لدي سوى قلمي لأحاربكم به أيها السفهاء.