مقالات
التخاطر عن بعد بين سارية بن زنيم وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما
د. صالح العطوان الحيالي
كثيرا ما نسمع عن مصطلح التخاطر ولكنه في الغالب يكون مبهما وغير مفهوم بالنسبة لنا حيث لا يعد من قبيل للمفاهيم المنتشرة في مجتمعاتنا ولكنه واقع قد أخذ بالانتشار والتداول نتيجة الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي من نشر تلك المفاهيم ، فالتخاطر واحدة من العلوم النفسية وهو عبارة عن نقل الأفكار التي تشغل العقل وتدور به من شخص إلى شخص آخر دون الاعتماد في ذلك على الحديث أو السمع أو أي حاسة أخرى من حواس الإنسان.
حادثة سارية بن زنيم وعمر بن الخطاب حادثة تاريخية ضمن التراث الإسلامي عن القدرة على التخاطر حدثت بين قائدين من قادة الإسلام وأكد صحة رواية الكثير من المؤرخين الكبار
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول الشيء ويظن الشيء فيكون كما قال وكما يظن وكما قوله في سارية بن زنيم .
يا سارية الجبل حادثة مشهورة وقعت لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ترتبط هذه الحادثة
أو القصة بشخصيتين من شخصيات المسلمين الأوائل وهما:
ـ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العدوي القرشي أبو حفص ثاني الخلفاء الراشدين وسراج أهل الجنة.
ـ سارية بن زُنَيم بن عبدالله الدؤلي
أحد فرسان الإسلام وقائد جيوش المسلمين في فتوحات فارس سنة 23هـ.
وملخص الحادثة كما رواها أسلم ويعقوب ونافع مولى ابن عمر ونقلت لنا عن طريق مؤلفات كبار المؤرخين المسلمين :
أن سارية بن زنيم كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس
وقد كثرت عليه الأعداء و في نفس اليوم كان عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فإذا بعمر رضي الله عنه ينادي بأعلى صوته في أثناءخطبته:
ياسارية الجبل
ياسارية الجبل
من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم.
فالتفت الناس وقالوا لعمر بن الخطاب: ماهذا الكلام ؟!
فقال: والله ماألقيت له بالاً، شيء أُتي به على لساني.
ثم قالوا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان حاضراً : ماهذا الذي يقوله أمير المؤمنين؟
وأين سارية منّا الآن ؟!
فقال: ويحكم! دعوا عمر فإنه مادخل في أمر إلا خرج منه.
ثم مالبث أن تبين الحال فيما بعد: حيث قدم سارية على عمر رضي الله عنه في المدينة فقال: ياأمير المؤمنين كنا محاصري العدو
وكنا نقيم الأيام لايخرج علينا منهم أحد نحن في منخفض من الأرض وهم في حصن عال (جبل ) فسمعت صائحاً ينادي: ياسارية بن زنيم الجبل فعلوتُ بأصحابي الجبل فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا.
وهذه الحادثة دلالة واضحة على عناية الله تعالى بعباده المؤمنين المجاهدين وعلى إكرامه للخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
المصادر
العجلاني. كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث على السن الناس
ابن كثير .البداية والنهاية
المتقي الهندي . كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال
ابن الاثير . أسد الغابة في معرفة الصحابة
ابن حجر . الإصابة في تمييز الصحابة
ابن عساكر . تاريخ دمشق
ابن تيمية . دقائق التفسير
الطبري . تاريخ الرسل والملوك
الذهبي . تاريخ الإسلام
الصالحي الشامي . سبل الهدى
ابن قتيبة .
السيوطي . الحاوي للفتاوي
اليعقوبي .تاريخ اليعقوبي