أخبار عالمية

التصعيد في رفح يضع إسرائيل في مواجهة مع العالم

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبى

 

هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، باقتحام رفح، وجدد مكتبه، اليوم الجمعة، التهديد بالاجتياح البري. وبين اليومين تصريحات حاسمة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وتصريحات متحدث للبيت الأبيض أخرى من الرئيس بايدن. جميعها ترفض استكمال الحرب على المدنيين.

ويتزامن هذا مع مفاوضات تحتضنها القاهرة، حيث كان وفد من حماس برئاسة خليل الحية نائب رئيس الحركة في غزة قد وصل إلى العاصمة المصرية، أمس الخميس لاستكمال التفاوض. 

وتسعى المفاوضات للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.

وتتراوح الآراء بين جدية التهديد باقتحام رفح، بهدف إحراج مصر راعية المفاوضات، وصعوبة التنفيذ على الأرض دون ارتكاب مجازر جديدة. 

ويرى الباحث السياسي، محمد عز العرب، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن كل السبناريوهات واردة مع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، مؤكدا أن من الممكن بعد الانتهاء من تحقيق أهداف جيش الاحتلال في خان يونس، أن تمتد العمليات العسكرية البرية إلى رفح لسبيين هما: الضغط على المقاومة الفلسطينية، وكذلك الضغط على الدولة المصرية، التي تقود مفاوضات حالية بشأن التهدئة. 

وقال عز العرب: «إن الجزء الخاص بالضغط على المقاومة الفلسطينية، يرتبط باعتبار أن الضغط على الفلسطينيين وحشرهم بأعداد كبيرة جدا في منطقة صغيرة مثل رفح، سيؤدي بالضغط على المقاومة لتحرير الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين».

ويشير الباحث السياسي إلى أن هذه المخططات الإسرائيلية تواجه بصمود المقاومة الفلسطينية وحركة حماس في قطاع غزة.

وتابع عز العرب: «إن الهدف الثاني وهو الضغط على الدولة المصرية من أجل الضغط على حماس لتقديم تنازلات في ملف الأسرى والمحتجزين». 

واعتبر الباحث السياسي أن هذه الخطط ستواجه بعدم خضوع الدولة المصرية.

وأمس الخميس، قال الخبير العسكري العميد سمير راغب، في تصريحات خاصة لـ«الغد»، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدد باقتحام رفح، مستبعدا الإقدام على هذه الخطوة.

وفسر راغب هذا التوقع قائلا: «إذا ذهبت إسرائيل إلى رفح فإنها بذلك تحرج الوسيط المصري».

وأضاف: «التلويح بدخول رفح ليس سوى محاول إسرائيلية للضغط أثناء المفاوضات». وتابع: «وهذا لا ينفي أن هناك قصفا لرفح وأحزمة نارية تنفذ في حيزها».

 

تحذيرات دولية

وقال البيت الأبيض، أمس الخميس، إنه لن يدعم أي خطط إسرائيلية للقيام «بعمليات عسكرية كبيرة» في رفح وقال إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أوضح مخاوف الولايات المتحدة بشأن مثل هذه العمليات.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي، قبلها بيوم في ختام جولته بالمنطقة، إن أي «عملية عسكرية تقوم بها إسرائيل يجب أن تراعي المدنيين في المقام الأول… وهذا ينطبق على حالة رفح» بسبب وجود أكثر من مليون نازح.

وأكدت واشنطن أمس الخميس إنها لن تؤيد أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح دون إيلاء الاعتبار الواجب لمحنة المدنيين، ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن الرد العسكري الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأنه «تجاوز الحد».

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين «أي عملية عسكرية كبيرة في رفح في هذا الوقت، وفي ظل هذه الظروف، ومع وجود أكثر من مليون – وربما أكثر من مليون ونصف المليون – فلسطيني يلتمسون اللجوء ويبحثون عن مأوى في رفح دون إيلاء الاعتبار الواجب لسلامتهم ستكون كارثة، ولن نؤيدها». 

والسبت الماضي أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تفيد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتزم نقل معركته ضد حماس إلى مدينة رفح على حدود غزة مع مصر، حيث فر أكثر من مليون شخص إلى هذه المنطقة الحدودية.

وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الجمعة، إن 1.4 مليون فلسطيني حاليا في رفح دون مكان آمن للذهاب إليه، ويواجهون المجاعة.

وأشار في تغريدة على موقع إكس، إلى تقارير عن هجوم عسكري إسرائيلي على رفح مثيرة للقلق، مؤكدا أنه سيكون لها عواقب كارثية تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الرهيب بالفعل.

واليوم الجمعة، قالت الرئاسة المصرية إنها تعمل مع الولايات المتحدة الأميركية لوقف إطلاق النار وإنفاذ الهدن الإنسانية، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية بالكميات والسرعة اللازمة لإغاثة سكان القطاع، كما جددت الرئاسة المصرية رفضها التهجير القسري.

وأشارت الرئاسة المصرية إلى أن القاهرة منذ اللحظة الأولى فتحت معبر رفح من جانبها من دون قيود أو شروط. وشدد مصر على أن الدور الذي قامت به لحشد وإدخال المساعدات.

 

الوضع الميداني

تبلغ مساحة رفح 55 كم²، ويحتشد في رفح غالبية سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إذ يتواجد في رفح نحو مليون و400 ألف فلسطيني، الأمر الذي يشي باحتمالية وقوع مجازر كبرى لهؤلاء النازحين.

وتعيش العائلات النازحة في رفح بالحد الأدنى من مستوى الحياة في برد قارس جدا على الأطفال والكبار والمرضى ونقص شديد من الماء والغذاء والدواء ومقومات الحياة، فضلا عن الضربات المتلاحقة عليهم من قبل قوات الاحتلال.

وقد أشار السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في مقابلة مع قناة الغد يوم الأربعاء إلى الأوضاع بالغة الصعوبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة منذ بدء العدوان على القطاع، وقال إن «أوضاع السكان في مدينة رفح شديدة الخطيرة».

 

بايدن ينتقد إسرائيل

وعلى الرغم من دعمه لإسرائيل منذ بدء الحرب على قطاع غزة، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن، أقر، الخميس، بأن «الرد الإسرائيلي في غزة كان مبالغا فيه». 

وتناول الرئيس الأميركي الوضع في غزة، على مستوى النقص الحاد في الغذاء قائلا: «يجب أن يتوقف جوع الناس في غزة».

وأضاف: «تحدثت مع نتنياهو وكنت أضغط بشدة وبقوة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة». 

وأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي الجيش، اليوم الجمعة، بوضع خطة مزدوجة لإجلاء المدنيين الفلسطينيين من مدينة رفح المكتظة باللاجئين بجنوب قطاع غزة.

وأعلن مكتب نتنياهو هذه الخطوة مع تصاعد الضغوط على إسرائيل بسبب تهديدها باقتحام بري لرفح، الملاذ الأخير لمئات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين في المدينة بعد فرارهم من القتال في أماكن أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى