أخبار عالمية

محلل سياسي أميركي: الصين تشكل تهديدا وجوديا للولايات المتحدة

محمد حسونه
منذ عدة أعوام تشن الصين حربا هادئة ضد الولايات المتحدة، وهي حرب لا تخوضها بالصواريخ والرصاص ولكن بالمعادن والمصافي. حسبما يرى المحلل السياسي الأمريكي فرانك فانون.
وقال فانون مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون موارد الطاقة في الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورئيس شركة «فانون غلوبال للاستشارات» في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، إنه خلال فترة رئاسته الأولى دق ترمب ناقوس الخطر وحذر من أن «أميركا لا يمكن أن تعتمد على واردات من خصوم أجانب للحصول على المعادن الحيوية».
وفي الكونغرس، قاد السيناتور ماركو روبيو، وعضو الكونغرس مايك والتز، مرشحا الرئيس المنتخب لمنصبي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، الهجوم ضد هيمنة بكين على المعادن الحيوية. وبحسب تحليل فانون فإن المرشحين قد أدركا أن السيطرة المباشرة من الدولة الصينية على سلسلة إمدادات المعادن الحيوية لا تمثل فقط تنافسا وديا فحسب وإنما تعد أيضا هجوما إستراتيجيا على القاعدة الصناعية في أميركا.
الصين تشكل تهديدا
وقال فانون إن «الحزب الشيوعي الصيني يعادي الديمقراطية على الصعيد العالمي ويسعى إلى أن يحل محل الولايات المتحدة كقوة عالمية لا غنى عنها». وتؤكد تقارير أجهزة الاستخبارات الأميركية أن الصين الشيوعية تشكل تهديدا وجوديا. ومع ذلك، فشلت واشنطن في الاعتراف بهذه الحقيقة لأنها تتمسك بتعريف للحرب عفا عليه الزمن.
ويرى فانون أن الأميركيين، مثل أوروبا، يفهمون بشكل عام الحرب كما عرفها المؤرخ كارل فون كلاوزفيتز بأنها «عمل من أعمال القوة لإجبار عدونا على تنفيذ إرادتنا». وبالنظر من خلال عدسة القرن الثامن عشر هذه، فإن عدم وجود عمل حركي ضد القوات الأميركية يشير إلى أن الصين لا تشن حربا. ومع ذلك، لا تؤيد جمهورية الصين الشعبية تعريف الغرب للحرب. وبدلا من ذلك، هي تتبنى مبدأ «فن الحرب» للقائد العسكري الصيني «صن تزو» الذي ينص على أن «التفوق الأسمى يتحقق من خلال كسر مقاومة العدو بدون قتال» وينصح بـ «مهاجمة إستراتيجية أولا».
سرقة تدعمها الدولة
ويعتبر فانون أن الحزب الشيوعي الصيني يسعى إلى الانتصار في الحرب من خلال حرمان الولايات المتحدة من شن الحرب، حيث تستغل الصين مواردها المحلية واستثمارات الشركات التي تملكها الدولة لتحقيق أفضلية إستراتيجية وليس عوائد تجارية.
في عام 1987، أعلن الزعيم الصيني آنذاك دينغ شياو بينج بشكل متبصر أن «الشرق الأوسط يمتلك النفط والصين تمتلك العناصر الأرضية النادرة». وقد استثمرت الدولة وكونت اللاعب الصناعي المهيمن في العالم. ولتقليص الاعتماد على النفط المستورد، أطلق الحزب الشيوعي الصيني سياسة صناعية شاملة تركز على الكهرباء.
ومع البدء بسرقة تدعمها الدولة للملكية الفكرية الأميركية، حسب فانون، توجهت بكين إلى تصنيع التكنولوجيا النظيفة، وزادت الدعم للسيارات الكهربائية وفرضت سياسات قسرية لتسريع تبنى السيارات الكهربائية.
الحرب الاقتصادية
وأشار فانون إلى أن الصين انفقت أكثر من تريليون دولار في استثمارات مبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك المعادن الحيوية، وفي بعض الأحيان في انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية.
وأفاد تقرير لوزارة العمل الأميركية، بأن قطاع التعدين الصيني زاد من عمالة الأطفال والعمالة القسرية، والتي «تهدد بتقويض الوعد بتحقيق مستقبل أخضر مستدام وعادل». في عام 2023، زادت بكين التعدين والإنفاق الذي يركز على المعادن بنسبة 158% مقارنة بمستويات عام 2022، ومنعت تصدير الإمدادات الأساسية لفترة طويلة.
كما زادت جمهورية الصين الشعبية الحرب الاقتصادية على المدى القريب. في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فرضت بكين قيودا على تصدير الغرافيت، الذي يشكل معظم بطاريات السيارات الكهربائية، وحظرت تصدير تقنيات معالجة العناصر الأرضية النادرة.
وفي يوليو /تموز 2024، أعلن الحزب الشيوعي الصيني أنه سيفرض قيودا على صادرات الجرمانيوم والغاليوم، اللذين يستخدمان في الطاقة الشمسية والبصريات المتقدمة والرقائق الدقيقة. وبعد بضعة أشهر، أعلن الحزب أنه مستعد لفرض قيود على تصدير الأنتيمون، وهو معدن يستخدم في أنظمة الأسلحة الدفاعية المتقدمة.
وفي الشهر الجاري، نفذ الحزب الشيوعي الصيني تهديده، وهو إجراء قد يكلف الولايات المتحدة 4ر3 مليار دولار.
المعادن الحيوية
وأشار فانون إلى أن الولايات المتحدة، اتخذت إجراءات على مدى الأعوام. فقد أصدرت إدارة ترمب أول قائمة أميركية بالمعادن الحيوية، وضمت المعادن الحيوية كعنصر من عناصر السياسة الخارجية الأميركية وسعت إلى تبسيط تصاريح التعدين المحلية.
وجمعت إدارة الرئيس جو بايدن مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لتسريع معالجة المعادن المحلية وتصنيع الطاقة النظيفة، وأطلقت شراكة أمن المعادن. ومع ذلك، تفتقر هذه السياسات إلى التنسيق وجمع رأس المال على المستوى اللازم لتطوير سلسلة إمداد آمنة للمعادن الحيوية.
وقال فانون إنه بدلا من أن تواجه واشنطن وأوروبا الصين بشكل مباشر، قالتا إنهما لا تريدان الانفصال عن الصين لكنهما تفضلان إزالة المخاطر عندما يكون ذلك ملائما. وقد تسبب هذا التركيز على دلالات الكلمات في تقييد تفكير أميركا وقلص خياراتها لمواجهة الحزب الشيوعي الصيني.
ويتعين على الولايات المتحدة أن تدرك التحدي أمامها، وتتبنى السياسات اللازمة وتسخر القطاع الخاص لتحقيق النصر.
ويرى فانون أنه يتعين على إدارة ترمب الجديدة أن تعين مسؤولا بارزا لتنسيق إستراتيجية شاملة بين الوكالات خاصة بالمعادن الحيوية. ويجب أن تعمل هذه الإستراتيجية على إصلاح تراخيص التعدين المحلية وتحديث مخزون أميركا غير الكافي من المعادن وفرض تعريفات صارمة على المنتجين الذين ينتهكون البيئة وحقوق الإنسان.
ويتعين على واشنطن تنسيق الجهود مع الحلفاء مع منح الأولوية لهؤلاء الشركاء المستعدين لجمع رأس المال وتوجيه المؤسسات المالية الأميركية للاستثمار في مشروعات تعدين على المدى القريب في جميع أنحاء العالم، بحسب المحلل الأميركي.
واختتم فانون تحليله بالقول إن ترمب فاز بالبيت الأبيض من خلال التحدث مباشرة إلى الشعب الأميركي. ولديه المنصة للقيام بذلك مجددا وتوضيح التكاليف والوقت والتضحيات المشتركة المحتملة المطلوبة للانتصار في هذه الحرب الجديدة. لقد انتصرت الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية وسباق الفضاء والحرب الباردة من خلال القيام بهذا فقط. وقد حان الوقت للقيام بذلك مجددا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى