تقارير

انتخابات نقابة الصحفيين المصريين 2025.. منافسة حامية بين البلشي وسلامة على مقعد النقيب

تقرير : – ماجد مصطفى 

تتجه أنظار الجماعة الصحفية المصرية اليوم، الجمعة الموافق 2 مايو 2025، صوب مقر نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، حيث تُعقد الجمعية العمومية العادية لإجراء انتخابات التجديد النصفي، والتي تشمل انتخاب نقيب جديد وستة أعضاء لمجلس النقابة، خلفاً لمن انتهت مدتهم القانونية. تكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة في ظل التحديات المهنية والاقتصادية التي تواجه الصحافة والصحفيين في مصر، وتأتي وسط منافسة تبدو محتدمة على مقعد النقيب بين النقيب الحالي الأستاذ خالد البلشي، والنقيب الأسبق الأستاذ عبد المحسن سلامة، بالإضافة إلى ستة مرشحين آخرين للمنصب ذاته، بينما يتنافس 43 مرشحاً على مقاعد عضوية المجلس الستة.تبدأ إجراءات اليوم الانتخابي في تمام العاشرة صباحاً بتسجيل أسماء أعضاء الجمعية العمومية الحاضرين، ويستمر التسجيل حتى الثانية عشرة ظهراً، مع إمكانية المد ساعة بساعة بقرار من اللجنة المشرفة على الانتخابات برئاسة الأستاذ جمال عبد الرحيم. ويكتمل النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية بحضور ربع الأعضاء المسددين للاشتراكات مضافاً إليهم عضو واحد (25% + 1)، وهو ما يعادل حضور عدد محدد من إجمالي الأعضاء الذين يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 10234 صحفياً وفقاً لتصريحات رئيس اللجنة المشرفة . 

وفي حال اكتمال النصاب، تبدأ أعمال الجمعية العمومية بمناقشة جدول الأعمال الذي يتضمن التصديق على محضر الاجتماع السابق، وعرض تقرير مجلس النقابة عن السنة المنتهية، واعتماد الحساب الختامي والموازنة التقديرية، ومناقشة اقتراحات الأعضاء. وفور انتهاء مناقشات الجمعية العمومية، يبدأ التصويت في 23 لجنة انتخابية بمقر النقابة بالقاهرة ولجنة واحدة بمقر النقابة الفرعية بالإسكندرية، تحت إشراف قضائي كامل من مجلس الدولة، ويستمر حتى السابعة مساءً، مع إمكانية المد في حالات الضروره.

 

– عبد المحسن سلامة.. النقيب الأسبق يسعى للعودة بوعود خدمية واقتصادية

يدخل الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام والنقيب الأسبق للصحفيين، السباق الانتخابي مجدداً متسلحاً بخبرته السابقة في قيادة النقابة وبرنامج انتخابي يركز بشكل كبير على الجوانب الخدمية والاقتصادية التي تهم قطاعاً واسعاً من الصحفيين. يرفع سلامة شعار استعادة قوة النقابة ومكانتها، مؤكداً على ضرورة العمل الجماعي وتوحيد الصف.تعهد سلامة في برنامجه الانتخابي ولقاءاته الصحفية بحزمة من الوعود التي لاقت اهتماماً كبيراً، أبرزها الوعد بزيادة “بدل التدريب والتكنولوجيا” بأكثر من 1000 جنيه مصري، مؤكداً أنه حصل على موافقة مبدئية من وزير المالية الدكتور أحمد كوجك خلال لقاء جمعهما مؤخراً، وأن الإعلان الرسمي عن قيمة الزيادة سيتم فور فوزه بمنصب النقيب. 

كما شمل اللقاء مع وزير المالية بحث سبل تنمية موارد النقابة بشكل مستدام ورفع مستوى معيشة الصحفيين، وزيادة الإعانة السنوية المخصصة للنقابة، ودعم أنشطة التدريب والعلاج ،لم تقتصر وعود سلامة على البدل، بل امتدت لتشمل ملفات خدمية أخرى، حيث أعلن عن تخصيص 1500 وحدة سكنية و328 قطعة أرض بمساحات متنوعة للصحفيين بالتنسيق مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى تخصيص 20 ألف فدان لصالح الصحفيين بالتعاون مع شركة “الريف المصري”، واصفاً إياها بـ”مشروع العمر”.

 كما وعد برفع قيمة “القرض الحسن” الذي تقدمه النقابة لأعضائها إلى أكثر من 20 ألف جنيه .

وفيما يتعلق بملف العمالة المؤقتة في المؤسسات الصحفية القومية، أكد سلامة أن هذا الملف يمثل أولوية قصوى في برنامجه، وأنه حصل على تأكيدات ووعود من الجهات المعنية بالبدء في تعيينهم خلال الفترة المقبلة، مشدداً على أن تعيينهم حق أصيل لهم خاصة وأن بعضهم يعمل منذ سنوات طويلة ويمثلون ركيزة أساسية في خطط تطوير المؤسسات . كما كشف سلامة عن اتفاقه مع المهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، على صرف بدل التكنولوجيا لأكثر من 300 من الصحفيين العاملين بالوكالات والصحف الأجنبية بدءاً من يوليو المقبل .

على صعيد الحريات، أكد سلامة أن ملف الحريات يأتي ضمن أولوياته، معتبراً أن الحرية هي قلب مهنة الصحافة، مشدداً على التزامه بأن يكون نقيباً لكل الصحفيين دون تمييز، وداعياً إلى الاصطفاف من أجل نقابة قوية تحتضن الجميع.

 ودعا سلامة أعضاء الجمعية العمومية للمشاركة بكثافة في الانتخابات، مؤكداً على أهمية التنافس النزيه واحترامه لجميع المنافسين.

 

– خالد البلشي.. النقيب الحالي يدافع عن ولايته ببرنامج “ما زال في الحلم بقية”

في المقابل، يخوض الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين الحالي، الانتخابات تحت شعار “ما زال في الحلم بقية”، ساعياً لتجديد الثقة لولاية ثانية. يرتكز برنامج البلشي الانتخابي، الذي عرضه في مؤتمر صحفي بمقر النقابة، على استكمال ما بدأه خلال العامين الماضيين، مع التركيز على الملفات الخدمية والمهنية والدفاع عن الحريات.أكد البلشي خلال عرض برنامجه على أهمية استكمال العمل على تغيير لائحة بدل التدريب والتكنولوجيا، التي تم الاتفاق عليها مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتي تضمن صرف البدل لجميع الصحفيين المقيدين بالنقابة دون ربطه بالمؤسسة، بما في ذلك العاملون بالوكالات الأجنبية والخارجون على المعاش الحكومي. وأشار إلى أن المرحلة الحالية تتضمن التفاوض مع وزارة المالية لتوفير المخصصات اللازمة لتطبيق اللائحة الجديدة . 

كما يهدف برنامجه إلى نقل صرف البدل بالكامل للنقابة لوقف الاستقطاعات الضريبية وفارق العقود الصفرية، بناءً على مفاوضات سابقة مع الجهات المعنية.

فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يشدد برنامج البلشي على ضرورة استكمال إجراءات تعيين الصحفيين المؤقتين بالمؤسسات القومية، تنفيذاً للاتفاق المعلن مع الهيئة الوطنية للصحافة . 

كما يدعو إلى التطبيق الكامل للمكتسبات الواردة في قانون تنظيم الصحافة والإعلام، مثل إلزام المؤسسات بإنشاء صناديق للتأمين ضد العجز والبطالة، وضمان مشاركة الصحفيين في الإدارة، ووضع حد أدنى للأجور، وتوفير العلاج للعاملين، مع مطالبة المجلس الأعلى للإعلام بالرقابة على تنفيذ هذه الالتزامات.

يسعى البلشي أيضاً إلى تعديل سياسات الإدارة والتشغيل في المؤسسات الصحفية، مطالباً بتضييق الفوارق في توزيع الموارد، ومنع التمييز ضد النساء، وتطبيق الشمول المالي، ووضع سقف زمني لفترات التدريب. 

كما يؤكد على أهمية توسيع التحالف مع النقابات المهنية الأخرى لتعزيز الخدمات المقدمة للأعضاء.خلال فترة ولايته، يؤكد البلشي أن مجلس النقابة كان الأكثر تواصلاً مع مسؤولي الدولة لصالح الصحفيين، مشيراً إلى نجاحه في التفاوض مع مؤسسات الدولة المختلفة رغم التحديات .

 ودعا البلشي الصحفيين إلى وقف أي خلافات والتركيز على وحدة الصف، مؤكداً أن يوم الانتخابات يجب أن يكون فرصة لتعزيز الوحدة والتأكيد على قوة الجماعة الصحفية .

 

– منافسة على الخدمات والحريات.. ووحدة الصف شعار مشترك 

تبرز المنافسة بين البلشي وسلامة تبايناً في الأولويات المعلنة؛ فبينما يركز سلامة بشكل كبير على الوعود الخدمية المباشرة كزيادة البدل وتوفير الإسكان والأراضي، يطرح البلشي رؤية ترتكز على استكمال الإصلاحات الهيكلية المتعلقة بلائحة البدل وقوانين العمل داخل المؤسسات، مع التأكيد على ملف الحريات كجزء أساسي من دوره النقابي. ومع ذلك، يتفق المرشحان على أهمية ملف تعيين المؤقتين وضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للصحفيين.اللافت للنظر هو البيان المشترك الذي أصدره المرشحان قبل يوم من الانتخابات، والذي أكدا فيه على أهمية وحدة وتماسك الجمعية العمومية، ونبذ الانقسام والاستقطاب، والالتزام بقيم التنافس الديمقراطي الشريف. يعكس هذا البيان، رغم حدة المنافسة، حرصاً على الحفاظ على كيان النقابة وتقاليدها الراسخة، والتأكيد على أن الهدف المشترك هو الدفاع عن المهنة والزملاء .

 

– صراع المدرستين.. وتأييد منقسم في قلب الجماعة

 

 الصحفيةلا يمكن قراءة انتخابات نقابة الصحفيين المصريين بمعزل عن الانقسام الفكري والمهني الذي يميز الجماعة الصحفية نفسها. فالمنافسة المحتدمة بين النقيب الحالي خالد البلشي والنقيب الأسبق عبد المحسن سلامة ليست مجرد صراع شخصي على منصب، بل هي تجسيد لتباين واضح بين مدرستين في إدارة العمل النقابي ورؤية مستقبل المهنة.

 

يمثل عبد المحسن سلامة، بخبرته الطويلة في إدارة مؤسسة الأهرام العريقة وولايته السابقة كنقيب، المدرسة التي تميل إلى التركيز على الجوانب الخدمية المباشرة، وبناء علاقات قوية مع مؤسسات الدولة لضمان تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية ملموسة للصحفيين. يجد هذا التوجه صداه لدى قطاع من الصحفيين، خاصة في المؤسسات القومية أو أولئك الذين يعطون الأولوية لتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية كالإسكان والعلاج وزيادة البدلات، ويرون في خبرة سلامة وعلاقاته ضمانة لتحقيق هذه المطالب.في المقابل.

 

بينما يمثل خالد البلشي، بتاريخه في العمل الحقوقي وتأسيسه لمواقع إخبارية مستقلة واجهت تحديات كثيرة، المدرسة التي تضع قضايا الحريات واستقلالية المهنة في صدارة أولوياتها، مع السعي لتحقيق إصلاحات هيكلية تضمن حقوق الصحفيين على المدى الطويل، مثل تعديل لوائح العمل والبدلات وتعزيز دور النقابة في مواجهة الضغوط. يستقطب هذا التوجه الصحفيين الأصغر سناً، والعاملين في الصحافة الخاصة أو المستقلة، والمهتمين بالدفاع عن حرية الصحافة كقيمة أساسية، ويرون في البلشي صوتاً معبراً عن تطلعاتهم نحو نقابة أكثر استقلالية وجرأة.هذا الانقسام في التأييد يعكس تنوع الجماعة الصحفية نفسها، وتعدد أولوياتها وتحدياتها. فبينما يسعى فريق إلى تأمين الاستقرار المعيشي والخدمي عبر قنوات التواصل التقليدية، يطمح فريق آخر إلى تعزيز استقلالية المهنة وحريتها كضمانة أساسية لمستقبلها.

 

 ويبقى السؤال المطروح أمام الجمعية العمومية هو: أي المدرستين التى تستطيع أن تحصل على ثقة ناخبيها وتصل إلى قيادة النقابة في هذه المرحلة الدقيقة؟ 

الإجابة ستحدد ملامح مستقبل العمل النقابي في مصر خلال العامين القادمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى