صالح العطوان الحيالي
هذه المقالة موجزة عن حياة الصحابي الزبير بن العوام ودوره في إحدى معارك المسلمين .
الزبير بن العوام الأسدي القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة أصحاب الشورى ،(إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَ حَوَارِيِّ الزُّبَيْرُ)،أن تكون إبن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا شرف كبير ، وأن تكون عمتك أخت أبيك هي خديجه رضي الله عنها زوجة رسول الله فيالك من محظوظ ، وأن تكون زوجتك بنتاً للصديق وأختاً لعائشه زوجة رسول الله فأكرم بهذا النسب ، وأن تكون أحد العشره المبشرين بالجنه فحَيْ الله بك ، وأن ينزل جبريل الأمين بهيأتك ومعه خمسين ألف ملك كلهم على نفس صورتك فهذا شرف ما بعده شرف ، وأن يكون خالك حمزه وإبن خالك علي وإبن خالك الأخر عبدالله بن العباس فأنت أشرف الناس نسباً ، وأن تكون حواري سيد الخلق فهذا قمة التشريف والتبجيل ، ولكن أن يجتمع هذا الشرف كله في إنسان واحد فأعلم أنك تتحدث عن رجل واحد فقط ، إنك تتحدث عن البطل المقدام ، والفارس الهُمام ، والصائم القوّام ، إنك تتحدث عن حواري خير الأنام ، إنك تتحدث عن الزبير بن العوّام !
الحواري : هو ناصر النبي من صفوته الذي بالغ في نصرة نبيه ونقي من كل عيب . وإذا أردت أن تعرف لماذا كان الزبير حوارياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإرجع معي إلى السنوات الأولى من البعثه النبويه الشريفه ، وإنتقل بروحك إلى مكه المكرمه .
هناك في شوارعها يرى الناس غلاماً صغيراً يمد الخطى شاهراً سيفه والشرر يقدح من عينيه وكأنه شبل ليث مفترس ، فيتعجب الناس من أمر هذا الفتى الصغير المشهر سيفه أمامه كأنه كتيبه كامله من الأبطال ، فيصيح الناس بدهشه بالغه : الغلام معه السيف ! الغلام معه السيف ! وبينما هذا الغلام يمد خطاه في شوارع مكه وإذ برسول يراه في هذه الهيأه العجيبه ، فيسأله بعجب : مالك يا زبير ؟! فيرتشف الفتى الصغير من أنفاسه ما ينعش به روحه ويقول : سمعت يا رسول الله أنك أُخِذت وقتلت ! فينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنان إلى عينيه الصغيرتين ويقول له : فماذا كنت صانعاً ؟! فيقول الزبير بن العوام بكل حزم : جئت لأضرب بسيفي من أخذك ! ومن شوارع مكه إلى ضواحي المدينه ، هناك عند جبل أحد ، هناك تحت شمس الصحراء القاحله عند بدء المعركه وقبل أن يلتحم الجيشان وقف مارد ضخم هو أعظم فارس في جيش الكفار إسمه (طلحه بن أبي طلحه العبدري) والذي كان يُطلق عليه لقب (كبش الكتيبه) لشدة بأسه وضراوة قتاله ، فتقدم هذا الوحش البشري راكباً على جمل ضخم حاملاً راية المشركين في يده وهو ينادي في المسلمين طالباً رجلاً منهم ليبارزه ، عندها برز من بين كثبان الصحراء القاحله وأشعة الشمس الملتهبه ، هناك من بين شباب محمد .
إنبثق من بين أسنة السيوف اللامعه ورؤوس الرماح الشامخة شابٌ مفتول العضلات طويل القامه عريض الكتفين يمد الخطى بكل ثقه بإتجاه كبش الكتيبه وكأنه البرق الخاطف ، إنه هو ذلك الغلام الصغير الذي حمل سيفه قبل عدة سنوات ليذود به عن إبن خاله .
إنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ..إنه البطل الزبير بن العوام ! فلمّا صار هذا البطل أمام الجمل الضخم وفوقه أعظم فرسان العرب ، قفز الزبير فوق الجمل كالفهد الجارح وجذب بذراعيه القويتين الجمل وصاحبه نحو الأرض وبرك فوق كبش الكتيبه ، وأمسك برأسه المخيف فجزها جزاً ليجعل من صاحبها جسداً بلا رأس ، عندها نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إبن عمته صفيه بكل فخر وإعتزاز ، فرفع صوته ونادى : الله أكبر ! ومن أحد نتجه شمالاً من المدينه المنوره حتى نصل إلى اليرموك في بلاد الشام ، هناك يتعجب الروم من فارس ملثم يتقدم وحده بفرسه قبل بدء المعركه كالصقر الكاسر ، ليخترق جيش الرومان بفرسه وفي يده اليمنى سيف وفي يده اليسرى سيف آخر يحارب بهما معاً ، لتتطاير رؤوس الروم عن اليمين وعن الشمال ، لقد كان هذا الفارس الملثم هو الزبير بن العوام ! ومن الشام إلى مصر .
هناك في قلب مصر تحصن الروم في حصن (بابليون) المنيع لمدة سبعة أشهر عجز فيها جيش (عمرو بن العاص) من إحداث إي إختراق فيه ، فقرر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يحل هذه المشكله ، فأرسل إلى عمرو مدداً يحتوي على رجال المهمات الصعبه في الجيش الإسلامي ، من بينهم محمد بن مسلمه و الزبير بن العوام ، فما إن وصل الزبير حصن بابليون ، حتى تفاجأ الروم ، بفارسٍ عظيم البنيان ، مفتول العضلات ، لم يحددوا إن كان إنسياً أم مخلوقاً من عالم آخر ، يتسلق الحصن كأنه ماردٌ يشق الأسوار شقاً بيديه ، وماهي إلا ثوانٍ معدوده حتى أصبح ذلك العملاق الإسلامي فوق أعلى نقطه في الحصن ، وعند هذه اللحظه ……رفع المغامر المقدام سيفه في عنان السماء وصاح بصوت زلزل الأرض كهزيم الرعد : الله أكبر ! عندها هرع الروم من ثكناتهم من هول ذلك المنظر العجيب ، لقد كان هذا العملاق هو نفسه ذلك الرجل الذي نزل جبريل عظيم الملائكه بهيأته ، لقد كان هذا البطل هو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه البطل الإسلامي العملاق الزبير بن العوام رضي الله عنه .
وبعد كانت هذه السطور غيضاً من فيض أسطورة حقيقيه لفارس حقيقي إسمه الزبير بن العوام ، هذا الفارس العملاق هو البطل الذي ينبغي لشبابنا أن يقتدوا به ويدرسوا سيرته ، فلقد إنتهى زمن التبعيه ، وآن الأوان لشباب هذه الأمه أن يعرفوا أبطالهم حق المعرفه .
المصادر:
اعلام النبلاء … للذهبي
صحيح البخاري
إبن كثير البداية والنهاية
الطبقات لابن سعد
الرحيق المختوم للمباركفوري
اسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير
جمهرة انساب العرب لابن حزم
الاصابة لابن حجر
أقرأ التالي
2025-05-01
مشيرة موسى تكتب ” عقوبة التجريس “
2025-04-30
الإخوة والأخوات
2025-04-30
نهاية الإمبراطورية الأمريكية على يد الأحمق.. تور امب
2025-04-29
الأوقاف في الإسلام واشراقاتها الحضارية ” اوقاف النساء “
2025-04-29
فندق Triumph Plaza Hotel بمصر الجديدة يفتح أبوابه لاستقبال النسخة الرابعة من مؤتمر EPSF Conference
2025-04-28
نفوس وأرواح مهشمة
2025-04-26
توجيهات عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عامله أبي موسى الأشعري في القضاء
2025-04-25
سيناء..الماضي والحاضر والمستقبل
2025-04-24
رسالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لعامَّة المسلمين في مصر عند استخلافه
2025-04-24
لجنة للدراما بتوجيه رئاسي “80 باكو” والحياء
زر الذهاب إلى الأعلى