تقارير

منظر نادر.. قبلة للصلاة على عمود الملك رمسيس الثاني بالأقصر

الخبير الأثري نصر سلامة

تتميز مصر منذ فجر التاريخ بانها حاضنة لمختلف العقائد و الأديان السماوية وقبولها للآخر عبر مختلف العصور، ويتجسد هذا المشهد فيما نشاهده داخل معبد الأقصر من وجود مباني لعقيدة مصرية قديمة وكنيسة مسيحية ومسجد أسلامي.


ويعتبر معبد الأقصر من اهم المعابد المصرية القديمة،و الذي شارك في بناءه عدد كبير من الملوك المصريين، منهم امنحتب الثالث ورمسيس الثاني وتحتمس الثالث وحتشبسوت.
يوجد خلف المدخل الرئيسي لمعبد الأقصر على الجانب الايسر للداخل مسجد ابو الحجاج، ويسهل التعرف عليه اثناء زيارة الفناء المفتوح بمعبد الاقصر.
ومعلوم تاريخيا أن معبد الاقصر كان مغطى بالرمال خلال الفترات الماضية ولم يكن ظاهر منه سوى الاجزاء العلوية من تيجان بعض الاعمدة مما شجع الشيخ ابو الحجاج فى بناء مسجد اعلى الركن الشمالي الشرقي من معبد الاقصر ولم يقم بإزالة الاعمدة او الاعتاب التى كانت ظاهرة بما عليها من كتابات هيروغليفة واسماء ملكية.


ولكن الحدث الغريب هو القيام بنحت قبلة للصلاة على احد اعمدة الملك رمسيس الثاني داخل المسجد مع وجود بقايا من بعض الكتابات الهيروغليفية علي اطراف قبلة الصلاة وبقاء مناظر وكتابات مصرية قديمة مسجلة داخل مسجد ابو الحجاج، واصبح من حق السائح ان يطلب الدخول للمسجد ليتابع مشاهدة الاجزاء والاعمدة الاثرية للملك رمسيس الثاني.
فهل كان الشيخ ابو الحجاج على حق حين بنى مسجده بين أعمدة المعبد، وكانت لديه مساحات كبيرة اخرى للبناء عليها، ام اعتمد على قدسية المكان عند المصري القديم فقرر البناء فوقها؟

ولد الشيخ ابو الحجاج في أوائل القرن السادس الهجري ببغداد في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله. لأسرة كريمة، ميسورة الحال، عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية. وينتهي نسبه إلى إسماعيل أبي الفراء بن عبد الله بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. أشرف أبو الحجاج الأقصري على الديوان في عهد أبي الفتح عماد الدين عثمان ابن الناصر صلاح الدين الأيوبي، ثم ترك العمل الرسمي وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية فالتقى أعلام الصوفية فيها، خاصة أتباع الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولي، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه. ثم عاد أبوالحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائي (صاحب المسجد الشهير بمدينة قنا)، وأقام واستقر بالأقصر حتى وفاته في رجب سنة 642 هـ (ديسمبر 1244 م) في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عن عمر تخطى التسعين عاما ، ودفن في ضريح داخل مسجد سمي باسمه بنى فوق أطلال معبد الأقصر. يرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى العصر الأيوبي؛ إذ بني سنة 658 هـ (1286م)، وهو مشيد على الجانب الشمالي الشرقي من معبد الأقصر، أعلى الفناء المكشوف للمسجد. ويشبه المسجد في شكله المعمارى المساجد الفاطمية القديمة، وهو عبارة عن مساحة صغيرة مربعة، مغطاة بسقف خشبى. يبلغ ارتفاع مدخله 12 متراً، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة في العمارة الإسلامية، ويعلو المسجد شريط من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر.

تعلو المسجد مئذنة مبنية بالطوب اللبن، هي من أقدم مكونات المسجد الحالية، إذ تعود إلى عصر أبي الحجاج نفسه، وتتكون من ثلاثة طوابق: الأولى مربعة الشكل، والثانية والثالثة أسطوانيتان، وفي أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات، والجزء السفلي المربع مقوى بأعمدة خشبية. تشبه مئذنة مسجد أبي الحجاج مآذن الصعيد القديمة ذات الطراز الفاطمي، ومنها مئذنة قوص، ومئذنة إسنا، ومئذنة مسجد الجيوشي بالقاهرة، وتقع مئذنة أبي الحجاج بالجهة الشمالية الشرقية ويبلغ ارتفاعها 14 مترا و15 سنتيمترا.

 

أضيفت للمسجد مئذنة أخرى في فترة لاحقة، حيث روعى فيها الطابع المعمارى للمكان، ومن أهم محتويات المسجد، القبة التي تغطى الضريح، وهي مكونة من قاعدة غير منتظمة الأبعاد، وتدرج حتى تصل إلى الشكل الدائرى للقبة. وقد طرأت على المسجد عدة عمارات وتوسعات على مر العصور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى