هذيان آخر الليل
هذيان آخر الليل
عدت يا ايلول ..؟
محمد الحفضي
شهرزاد
اي قدر ساقك إلي
هذه المرة. .؟
قد افترقنا
ذات مساء عصيب
اضعتك ليلة سقوط غرناطة
هل تذكرين آخر سمر
في قصر الحمراء
وآخر صلاة عشاء
في حي البيازين
وما رفع أذان
بعد تلك الليلة الظلماء. .
يا شهرزاد. .
هل تنصرت
ام كنت ضحية محاكم التفتيش
كالاف الموريسك
أو طردتك ايزابيلا من الفردوس المفقود
كما طرد حاكم بلد المليون شهيد
مايزيد عن ربع مليون مغربي في يوم العيد. .؟
ياشهرزاد..
ألا زلت قيد الحياة
أم هذا طيفك زائر عنيد. .؟
نعم ياشهرياري الوحيد
هات يدك فتحسس وشما على الجيد
غيابك طويل الأمد
خمسة قرون وبضع سنين. .
رمتني عواصف الزمان البعيد
في المهاجر والمنافي من غير ما أريد
سبيت مرات ومرات
سلبت الحرية ووجاهة الأسياد
وفي أسواق النخاسة تم المزاد
سيق بي مع الرق البيض والعبيد
وفي قصور الولاة والأعيان كان المقام
كنت شاهدة على فجور الحكام
لا تسألني عن فسق الأولياء والمشايخ
كلهم نزق ونفاق
واعلم بخبايا الحوزات والزوايا
وحكايا الإذلال والاستعباد
في بلاد العرب والصفر والسود
كلها مستعمرات العجوز ..
استنزفت الخيرات ..
واستباحت براءة العذارى
ومثلت بالاجساد. .
باسم المسيح وحضارة الأنوار
هذا يكفي يا شهرزاد
فأنا أعرف كل الفضائح والكرامات
من عروض خيام الاعراب
وحريم حماة الأوطان
شهدت ميلاد دويلات الأوهام
انقسام الشام
إلى سقوط بغداد
واكذوبة العم سام
وفوضى الربيع العربي. .
لا تسأليني يا شهرزاد
فهذا البحر مقبرة
أما سمعت بقوارب الموت. .؟
بلى يا شهريار
بحراكة الانتحار على الخلجان ..
فهذا البحر ما عاد بالأبيض
بل هو بحر الموت والعار. .
احك يا شهريار
أين رمت بك الأقدار؟
ياشهرزاد
ما عشته تشيب له الولدان
جرفني التيار إلى الجنوب
والقتني الأمواج على شط البوغاز
وكان ثرى الأجداد
استعار خاتم سليمان
فاعادني إلى موطن الميلاد
عند دير الأطلس تم الاستقرار
كم وددت لو سفرتني الريح
إلى جزر أساطير الإغريق
ياشهريار
لازلت حالما كما عهدتك
تهوى جمال الأنثى والقد المياس
تجذبك كل حسناء شقراء. .
يا شهرزاد
في وطني عذارى حسان
يحار في وصف جمالهن الإنسان
إحك يا شهريار
فأنا اتعبني الترحال
اسمعني غريب الحكايا
فقد ابتذلت الف ليلة وليلة
سئمت قصص مجنون ليلى وروميو وإليزا..
استهلكت كل سرديات الحب والغرام
إحك يا شهريار
اسمعني ما انت عليه شاهد عيان. .
خبرني عن أحداث من الواقع المرير
ياشهرزاد
شاءت لنا باللقاء الأقدار
وكأنك وليدة شهر أيلول
وما أيلول يا شهريار ..؟
شهر من شهور الزمان
يقال هو ختام للصيف
وقبل متمه يحل الخريف
يا شهريار
لا تحدثيني عن رومانسيتك الحالمة
فما بي حاجة لذكر اصفرار أوراق الأشجار
ياشهريار
خبرني عن ذكريات أيلول
ياشهرزاد
تلك الشامات المتناثرة على جيدك ونحرك..
بالله عليك هي فيما تذكرك. .؟.
شاماتي ياشهريار
هي أشبه بعبيد في مزاد سوق الغزل
ساقهم نخاس من زنجبار أو تمبوكتو
إلى حواظر المغرب والشام. .
شهرزاد
كم اغار من شاماتك على جسدك. .
آه لو تناثرت خلايا جسدي مكانها. .
ياشهريار
انت تسكن الروح والجسد
فدع شاماتي مرسال جذبك..
أراك عدت إلى ديدنك القديم
تعشق الغزل والنسيب. .
يا شهرزاد
سأخبرك عن أليم ذكريات أيلول
ولو أن الخوف عشعش فينا
واستوطن القلب والعقل ..
يا شهرزاد
يحكى أن حاكم بلد في الشام
خاف على ملكه من الزوال
واوجس خيفة من أهل الجوار
ومن هم أهل الجوار يا شهريار. .؟
هم اللاجئون المبعدون من فلسطين الحبيبة
ياحبيبة.
شوقتني لسماع القصة يا شهريار
ما هي بحكاية يا شهرزاد. .
بل هي مذبحة آدمية
تمت بعد المنتصف من أيلول. .
في الزمن الجميل
ياللحسرة والندامة. .!
ياشهريار
قلبت علي المواجع
فلا تزد في القلب اوجاعا
فالف رحمة وسلام
على أرواح شهداء أيلول الأسود
بالشام. .يا عاشق الشامات
ياشهرزاد
أيلول في هذا العام
عاقر. .ماله من جذب ولا سحر
فالسنة رمادة وجفاف. .
