دُمُوع فِي الْخَرِيفِ
دُمُوع فِي الْخَرِيفِ
خضر عباد العراقي
الْخَرِيف
فَصْلٌ تَهُبُّ بِهِ نَسَمَات الْبَرْد
وَالْبَرْق وَالرَّعْد
يَقْصُر النَّهَار
وَتَطَوُّل سَاعَاتِ اللَّيْلِ
تتعرى فِيهِ الْإِشْجَار
عَن جَمَالِهَا وَأَوْرَاقُهَا وَثِمَارِهَا
وروعتها وبهاؤها
تَنْعَدِم فِيهَا الْأَزْهَار
وَتَتَسَاقَط الْأَوْرَاق
وَيَبْقَى الْجِذْع وَالْأَغْصَان
وَحْدَهَا تُقَاوِم
مَوْجَات البَرْدِ
وَالصَّقِيع
صَابِرَةٌ تَتَأَمَّل عَوْدِه الرَّبِيع
هَكَذَا شَعَرْتَ أَنَّ حَالِيًا مِثْلِ حَالِهَا
حَتَّى صِرْت أَقْبَل كُلِّ وَرَقَةٍ سَاقِطَةٌ مِنْهَا
وَاعْتَبَرَها أَحَدٌ احبتي واصدقائي وَرِبْعِي اللَّذَيْن عافوني وَحِيدًا تركوني فِي غُرْبَتي اعاني
حَيْث أَشْعَر بِمَرَارَة الْوَاقِع
وَأَلَمِه وَعَذَابِه
لِأَنَّ مَنْ بَاعَنِي وَتَرَكَنِي وَابْتَعَد عَنِّي
فِي قَسَاوَةِ أَيَّامِي
وبداية تَغَيَّر أَحْوَالِي
كالورقة الَّتِي سَقَطَتْ فِي بِدَايَةِ
الْخَرِيف
يَبْقَوْن أَعِزَّاء ولااسطيع النِّسْيَان
وسابقى أَسِير الأَحْزَان وَالْخِذْلَان
ولوعة وَقَسَاوَة الْحُنَيْن وَالْأَيَّام
لِأَنَّهُمْ كَانُوا . . .
زِينَةَ الدُّنْيَا عِنْدِي
الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ
كُنْت خَلِيَّةٌ نَحْل
أَرَى الْحَيَاة بوجودهم جَمِيلَة
وَالْأَجْمَل ضحكاتهم وسعادتهم
كَانُوا جُزْءًا مِنِّي
وَأَنَا مِنْهُمْ
اتحدى الْفِرَاق وَالْبُعْد وَالنِّسْيَان
عَصْف الْخَرِيف فِي أَيَّامِي
فتساقطوا كاوراق الشَّجَر
وابتعدوا عَنِّي
تعثرت وَمَرَّات أَسْقَط
لَكِنْ لَمْ وَلَن أَمَد يَدَي
ولااطلب العَوْنَ والْمُساعَدَةَ
بَعْدِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِي
حِزَام ظَهْرِي وعگازتي وَسِنْدِيٌّ
صَبْرِي وَكِبْرِيَائِي وَعِزَّتِي
وكرامتي
تَحِيَّاتِي . . .
لِشَجَرَة فِي خريفها ابكتني
وبدموع خَيْبَة الظَّنّ بربعي
ذَكَرْتنِي