فلتة الزمان
فلتة الزمان
عبدالله صادقي
المغرب
قصة حقيقية بتصرف
سعاد هي فتاة فلتة زمان جادت بها تربة القرية المنسية في أعالي الجبال حيت كل الاهالي يعرفون بعظهم فقليل ما الاغراب يزورونهم لأنها فقط قرية نائية يفصلها عن البقية الوادي الكبير بدون قناطر ولا معابر .
داخل كوخ في حضن اسرة متحابة سعاد هي الكبرى بين اخوانها عمرها ثماني سنوات و اختين وخراف في الحظيرة ان صح التعبير ، فلا الكوخ ولا الحظيرة هما في حالة مزرية فقط جدران من تبن وطين يكسوها لون باهث من الجير ونافذة وحيدة والسقف عبارة عن لوحات من قصدير متهالكة تتموضع فوق أعمدة من شجر العرعار قطعها أبوها آخر مرة لما بنى الكوخ من ثاني واخبرهم حينها انهم كانوا صغار لما فاض النهر واخذ في طريقه كل من كانوا في السفح قريبين منه وكانت مفاجئة غير سارة مات البعض ونفقت تقريبا كل الأغنام لأنها ببساطة لم تتلقى الاغاثة فالكل استفاق مذعورا من النوم على صوت هدير النهر ففر من استطاع وكان حظهم اوفر من غيرهم فليلتها تأخر أبوهم في النوم فخرج ليطمئن على الخراف لما سمع صوت انجراف التربة مقتلعة الاشجار ومحدثة فوضى عارمة.
سعاد تستفيق بعد أمها بقليل كالعادة تجهز نفسها للذهاب للمدرسة حيت تحظر غدائها بيضتين وكسرة خبز وبعض حبات زيتون وقنينة بها ربع لتر من الحليب او احيانا شاي.
تنتظر اترابها على الطريق حتى يجتمع الموكب ليتسلقوا معا الصخور الوعرة التي تفصلهم عن المدرسة قريبا من القمة ،
تتأخر قليلا للخلف عندما تلبس حذائها الاحمر الجميل فهو لا زال يلمع لكن بدأت تظهر به بعض الثقوب كعيوب تألمها في أصابعها وهي لاتحب ان يراها اقرانها كذلك فهي تشعر انها قائدة ولا يحق لها ان تظهر في حالة ضعف.
لما تصل للمدرسة يكون وقت تحية العلم قد حان فتمسك محفظتها بيد لكي لا تضعها على الأرض الطينية المبللة فتتسخ وبالاخرى مرفوعة تحيي الراية الخفاقة وتترنم بالنشيد الوطني وفي ذهنها ان الوطن شاسع هو السماء هو الكون هو هنا هناك هو مقدس و في القلب .
تدخل القسم تضع المحفظة وتفتح الكراسة وتخرج الأقلام باهتمام بدون كلام عينها على الاستاذ هو المقدس بعد العلم والابوين
بعد الظهيرة تعود مع المجموعة مسرعة فهي تعلم ان عليها ان تخرج الأغنام من الحظيرة للمراعي الضيقة بين الصخور والأشجار همها الكبير الذي لا يفارقها ان تكون طبيبة لتعالج اسنان امها التي أسقط ابوها منها أربعة في حالة غضب ومن يومها فقدت الابتسامة .
لم تكن تعلم سعاد انها يوما ما ستغادر القرية وستتخطى الوادي لتصبح وزيرة في إحدى الحكومات الغربية