اقتصادالارصاد الجويةتحقيقاتحوادثسياحه وآثارعاجلقصةمنوعات

السلسلة الأسبوعية من ” سوسيولوجيا العصر الرقمي “.. جرائم بلا وجوه

بقلم / كريمه الرفاعي
 أصبح الإنترنت نافذة مشرقة للإبداع والتواصل، ولكنه أيضًا تحول إلى ساحة خفية لجرائم نفسية تتجاوز الكلمات، التنمر الإلكتروني، أو ما يُعرف بـ”التنمر عبر الشاشات”، هو ظاهرة متنامية تُمارس فيها الإهانات والتهديدات على منصات التواصل الاجتماعي أو الرسائل النصية، محولةً العالم الافتراضي إلى بيئة مليئة بالتحديات النفسية والاجتماعية.
هذه الظاهرة، التي تبدو خفية، تترك آثارًا عميقة في النفوس وتُدمّر أرواحًا، خصوصًا لدى الفئات الأكثر تأثرًا مثل الأطفال والشباب.
ما هو التنمر الإلكتروني؟
التنمر الإلكتروني هو استخدام التكنولوجيا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المراسلة، لمضايقة أو إيذاء شخص آخر عمدًا، ويتجسد في أشكال متعددة، منها:
– نشر شائعات أو معلومات شخصية لإحراج الضحية.
– إرسال رسائل مسيئة أو تهديدات.
– مشاركة صور أو مقاطع فيديو دون موافقة الضحية.
– استهداف الأفراد بعنف كلامي أو تنمّر جماعي.
لماذا يُعد التنمر الإلكتروني جريمة بلا وجوه؟
1. الإخفاء وراء الشاشة:
يُمكن للمتنمرين أن يختبئوا خلف أسماء مستعارة أو حسابات وهمية، مما يجعلهم يشعرون بالقوة دون خوف من المواجهة.
2. الانتشار السريع:
بخلاف التنمر التقليدي، يمكن للتنمر الإلكتروني أن ينتشر في دقائق ليصل إلى عدد كبير من الأشخاص، مما يضاعف الضرر النفسي.
3. الصعوبة في التتبع:
غالبًا ما يكون من الصعب تحديد هوية المتنمر بسبب استخدام الشبكات الافتراضية.
آثار التنمر الإلكتروني
1. على الصحة النفسية:
– شعور بالقلق والإحباط الدائم.
– انخفاض الثقة بالنفس.
– حالات اكتئاب قد تؤدي في بعض الأحيان إلى أفكار انتحارية.
2. على الحياة الاجتماعية:
– عزلة اجتماعية بسبب الخوف من التفاعل مع الآخرين.
– تراجع القدرة على بناء علاقات صحية.
3. على الأداء الأكاديمي والمهني:
– فقدان الحافز للنجاح بسبب الضغط النفسي.
– صعوبة التركيز نتيجة التفكير المستمر في الإساءة.
أمثلة واقعية
التنمر الإلكتروني لم يعد مجرد قضية فردية؛ بل أصبح أزمة اجتماعية ،و إحدى أبرز القصص هي قصة “أماندا تود”، الطفلة الكندية التي تعرضت لتنمر شديد على الإنترنت، مما دفعها لإنهاء حياتها، لتصبح رمزًا عالميًا للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة.
كيفية مكافحة التنمر الإلكتروني؟
1. للأفراد:
– تجاهل المتنمر: عدم الرد على الرسائل المسيئة قد يقلل من استفزاز المتنمر.
– الإبلاغ عن الإساءة: استخدام خاصية الإبلاغ على المنصات الاجتماعية.
– طلب الدعم: التحدث مع الأهل أو الأصدقاء عن التجربة.
2. للمجتمع:
– تعزيز ثقافة الاحترام الرقمي من خلال حملات توعية.
– وضع قوانين صارمة لمحاسبة المتنمرين.
– توفير مساحات آمنة على الإنترنت للأفراد الأكثر عرضة للتنمر.
3. للمؤسسات التعليمية:
-إقامة ورش عمل توعوية للطلاب حول كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني.
– تشجيع الطلاب على التحدث والإبلاغ عن حالات التنمر.
وفي النهاية التنمر الإلكتروني هو جريمة صامتة بلا وجوه واضحة، ولكنه يترك جروحًا عميقة في أرواح الضحايا ،و علينا جميعًا، كأفراد ومجتمعات، أن نتكاتف لمواجهة هذه الظاهرة ونشر ثقافة الاحترام والوعي في العالم الافتراضي، لأن الإنترنت يجب أن يكون وسيلة للبناء والتواصل الإيجابي، لا أداة للهدم والإيذاء.
قد تكون رسمة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏
 
 
 
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى