تقارير

لا.. لعودة تمثال ديليسبس

كتب نصر سلامة

من وقت لآخر تتردد مطالبات من البعض بإعادة تمثال ديليسبس الي موقعة القديم بالمدخل الشمالي لقناةالسويس، وهو ما قوبل بغضب ورفض من عديد من الكتاب والمثقفين.
تمثال ديليسبس من تصميم الفنان الفرنسي “إمانويل فرميم”مصنوع من مادة البرونز والحديد ومطلي باللون الأخضر البرونزى، والتمثال مجوف من الداخل ويزن حوالي 17 طنًا ويبلغ ارتفاعه بالقاعدة المعدنية 7.5 متر، وحفر على قاعدة التمثال المعدنية اسم المسبك الذي صنع التمثال وتاريخ الصنع.

في عام 1956 قام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس كشركة مساهمة مصرية، الأمر الذي تسبب في العدوان الثلاثي من قبل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مدينة بورسعيد، ويُقال إنه مع إنسحاب قوات الإحتلال من مصر في 1956، وجد سكان المدينة على تمثال ديليسبس علم بريطانيا وفرنسا، كتذكار من الإحتلال على إستمرار سيطرتهم على القناة ولو بشكل معنوي رغم الرحيل.وتسبب ذلك وقتها في الغضب الشديد لأهالي بور سعيد، هو ما دفعهم للتخلص من تمثال ديليسبس وإزاحته من قاعدته، باعتباره رمزًا للاستعمار.

تمثال ديليسبس
تمثال ديليسبس

في عام 2017 وافق المجلس الأعلى للآثار برئاسة الدكتور مصطفى أمين، علي تسجيل التمثال في عداد الآثار الإسلامية والقبطية.
ويقول المؤرخ بسام الشماع متسائلا ، كيف تنادوا برجوع تمثال ديليسبس لبورسعيد و هو الرجل الذي جاء بالسخرة و تعذيب الفلاحين المصريين وأجبارهم على العمل فى ظروف قاتلة.
و هو أيضا الرجل الذي أخذ حق الإمتياز من سعيد باشا وفتح الإكتتاب لأسهم شركة في ٥ نوفمبر 1858م. وبدأ تدشين حفر القناة كان فى بورسعيد في يوم ٢٥ أبريل من عام 1859م.
ويضيف الشماع أنه طبقًا لدار الوثائق القومية ودار الكتب ، ولكتاب “وثائق الحلم المصري لقناة السويس” الموجود بدار الوثائق القومية أن المصريون استطاعوا في عهد الملك المصري سنوسرت الثالث عام 1850 قبل الميلاد وصل البحرين بطريق غير مباشر بحفر قناة تربط النيل بالبحر الأحمر ،وعُرفت فى بعض كتب التاريخ بإسم”قناة سيزوستريس”.

قناة سيزوستريس
قناة سيزوستريس

ويؤكد الشماع أن فكرة حفر القناة كانت مصرية، وديليسبس لم يكن مهندسا، و أن القناة حققت نهضة إقتصادية طوال عهد المصريين القدماء في زمن الدولة الوسطى.
و عند دخول عمرو بن العاص مصر تم إعادة فكرة حفر القناة من الفسطاط الي البحر الأحمر عام 642م، وأطلق عليها اسم “قناة أمير المؤمنين”.
ويضيف بسام الشماع بأن جزء من القناة الواقع تجاه البحر الأحمر تم ردمه في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور للتضييق على المعارضين له في الحجاز و وقف الإمدادات التي كانت تذهب لهم من مصر .
و خلال الحملة العسكرية و الغزو الفرنسي الدموي الاستخرابي على مصر سخر علماء الحملة كل مجهوداتهم لفكرة إنشاء القناة، وسافر نابليون بونابرت قائد الحملة إلى السويس مع مجموعة مهندسين، غير أن مهندس فرنسي يدعى “لوبير” أقنع نابليون أن يتوقف عن مشروع القناة نظرا لأن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر الأبيض وذلك سوف يتسبب في غرق مصر اذ تم حفر القناة( و كانت نظرته الخاطئة آنذاك).
و في عهد محمد علي تقابل بمجموعة مهندسين فرنسيين وأخذوا منه تصريح دخول القناة وعمل دراسات عليها، وأكدوا أن لوبير ذو نظرة خاطئة ويمكن حفر القناة بسلام وامان، ووافق محمد علي بشروط وهي :
الأول، أن تضمن القوى العظمى في العالم حيادية القناة وبالتالي استقلال مصر و ذلك لمخاوفه من إحتلال مصر بحجة قناة السويس وأهميتها وأنها جاذبة للاحتلال والأطماع.
والثاني، أن يتم تمويل القناة من الخزانة المصرية.
و لكن لم يؤخذ بهذه بالشروط لأنها ضد أفكار الغرب الاستعمارية.
وفي عهد سعيد باشا، نجح ديليسبس في وضع امتياز شركة قناة السويس، و قوبل ذلك بالمعارضة من القوى العظمى وبريطانيا ودول أخرى، وبالرغم من ذلك قام ديليسبس بمجهوداته حتى تم تدشين قناة السويس من بورسعيد.
ويذكر الشماع بأن الذين يطالبوا بعودة تمثال ديليسبس “يقوموا بتشجيع عودة ذكرى المحتل القاتل صاحب فكرة السخرة، و هو الذي قابل المصريين القدماء بالإهانات، وأن رجوعه وعودته كتمثال يمثل اهاتة و استهانة بكل المصريين و فكر أعوج متبرنط يمجد قاتلينا و هو مطلب منبطح يدعو للفكر الاستخرابي لمحتلينا وأن دي ديليسبس تمت محاكمته بعد عودته لأوروبا نظرًا لجرائمه.
و أنه بدوره كمؤرخ و مواطن مصري وطني بقترح تشييد تمثال للشهداء المصريين العظماء في شق القناة على قاعدة التمثال بدلا من تمثال ديليسبس، ويكون تمثال لفلاح مصري عظيم لذكرى الفلاحين اللذين تم اقتيادهم من القرى وإلقائهم في السخرة والعبودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى