عطور النساء فى مصر القديمة
كتب / جمال أحمد حسن
منذ عصر الدولة الحديثة ( 1550 – 1295) تقريبا إستخدم المصريون القدماء ما يعرف ب ” أقماع العطور “ ، كما كانوا يطلقون عليها إسم” تاج العطور ” ، حيث ظهرت مناظر فى بعض المقابر تصور سيدات يحملن فوق رؤوسهن أو فوق شعورهن المستعارة شيئا يشبه القمع ، و هذا القمع كان عبارة عن خليط من الشمع والعطور الدهنية برائحة ذكية مكونة من مواد دهنية فواحة و ساحرة الرائحة ، و عند تعرضه لحرارة الشمس أو تحت تأثير حرارة الجسم يبدأ الشمع فى الذوبان تدريجيا ، و أثناء ذوبانه يفوح العطر من فوق رأس السيدة ، و هو ينساب ذائبا من قمة رأسها ليصل الى رقبتها و ملابسها ، بالإضافة إلى أنه كان يعبق المكان كله بعبيره الفواح لفترات طويلة.
ارتبط ظهور أقماع العطور فى الفن المصرى القديم فى أغلب الاحيان بمناظر المآدب والحفلات ، كما ظهر أيضا في مناظر أخرى فوق رؤوس النساء الجالسات أمام موائد القرابين .
صنعت العطور فى مصر القديمة من الزهور و الأعشاب و النباتات جميلة الرائحة ، و من أشهرها زهور اللوتس : حيث إستخدمت فى الزينة ، و فى تعطير المعابد ، و فى عمليات التحنيط ، و كان يتم تعتيقها داخل أوانى و قوارير من الألباستر ، كما إستخدموا أيضا الياسمين و الورد البلدى و السوسن و التمر حنة .
و كانت دائما تصاحب مناظر العطور بكلمة كتبت باللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ، توجد بجوار أو أعلى المنظر هى كلمة تنطق : ( مرحت) ،و التى تعنى “دهان’ أو “زيت عطري”.
و يحتوى معبد إدفو فى أسوان على حجرة تعرف بالمعمل ، أو حجرة العطور ، مسجل على جدرانها طريقة تحضير العطور فى مصر القديمة من الزهور العطرية و النباتات المختلفة ، وكذلك النسب و الأرقام التى تشير إلى المقادير المطلوبة لعمل هذه الوصفات و العطور بدقة متناهية و إتقان بالغ .
لم تستخدم العطور فى مصر القديمة فقط من أجل رائحتها الجميلة ولكن أيضا فى العلاج من الامراض المختلفة.
و كانت بعض من الزيوت العطرية التى إستخدمها المصريون القدماء قوية جدا لدرجة أنه بعد مرور 3300 سنة من موت الملك”توت عنخ آمون ” ، كان بالإمكان إستنشاق رائحة جميلة تنبعث من مواد عطرية كانت محفوظة فى أوانى من الألباستر ، مختومة بإجكام ، و ذلك عند إكتشاف مقبرته الشهيرة فى عام 1922 بوادى الملوك فى غرب مدينة الأقصر .
كما وجدت مثل هذه الأواني و القوارير المخصصة للعطور فى مقبرة الملكة “حتب – حرس”( 2650 قبل الميلاد ) أم الملك خوفو الذى بنى الهرم الاكبر .
إهتمت ملكات مصر القديمة بالجمال و العطور و الروائح الطيبة ، و على سبيل المثال الملكة ” نفرتيتى ” التى أحاطت نفسها بالعطور ، و كذلك كانت الملكة ” كليوباترا ” أكثر الملكات المصريات عشقا للعطور ، فكانت تستخدمها فى القصور الملكية ، و فى ملابسها ، حتى فى مياه الاستحمام .
و هكذا كانت مصر رائدة على مستوى العالم فى صناعة العطور منذ فجر التاريخ .