بقلم: د. غادة محمد عبد الرحمن
فوجئنا مؤخراً بإنتشار شكل جديد، وغريب من حفلات التخرج، لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع عادات مجتمعنا وتقاليده، وذلك نظراً لما تتضمنه هذه الحفلات من أمور غير لائقة كالموسيقى الصاخبة، والرقص بطريقة مستفزة، وهذا ما لم يقتصر على الخريجين فقط، بل يشارك الكثير من أولياء الأمور في هذه المهازل، التي أصبحت الشغل الشاغل للعديد من مواقع السوشيال ميديا، ومن ثم الانتقال إلى العديد من وسائل الإعلام.
وبالإضافة إلى ما تمثله هذه النوعية من الحفلات من شذوذ عن أخلاقيات مجتمعنا المتعارف عليها، فإنها لا تمت بصلة بالمناسبة التي اُقيمت من أجلها، إلا وهي الحصول على شهادة علمية جامعية، وما يُعنيه ذلك من نضوج المتخرج علمياً وثقافياً، وكذلك اخلاقياً، وانعكاس ذلك على تصرفاته في مختلف المواقف الحياتية، وهذا على النقيض تماماً مما يحدث في هذه النوعية من الحفلات، من تصرفات تنم عن تدني علمي وثقافي واخلاقي.
الغريب في الأمر حقاً هو اشتراك بعض الأساتذة الجامعيين في تلك الحفلات، والقيام بتسليم الخريجين دروع وشهادات التكريم، وذلك بعد إنتهاء الخريجين من وصلات الرقص، ولا ندري كيف للأساتذة الجامعيين، علماء الأمة أن يقبلوا على مكانتهم العلمية والثقافية والاجتماعية المرموقة المشاركة في مثل هذه المهازل، وأن يكونوا جزءاً منها؟ كيف سمحوا لأنفسهم التواجد وسط هذه المهاترات، وإضفاء شيء من الوقار عليها؟ حيث أعطى إشتراكهم في هذه الحفلات الحق في إطلاق مسمى حفلات تخرج عليها، على الرغم من أنها أبعد ما تكون عن ذلك.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه هذه النوعية من الحفلات الراقصة في مجتمعنا الشرقي، المحافظ، صاحب القيم، والمثل العليا، نجد في العديد من دول العالم لا سيما الدول الغربية، حفلات تخرج من نوعٍ آخر، حيث أصبحت الحرب في غزه، والقضية الفلسطينية بوجه عام، ضيف شرف في حفلات تخرج العديد من الجامعات حول العالم، وذلك بفضل الخريجين الأحرار، الذين أتخذوا من الكوفية والعلم الفلسطيني أوشحة يتزينوا بها، غير عابئين بما يمارس ضدهم من ضغوطات، من قبل الإدارات الجامعية.
والشيء المثير للدهشة والغضب أيضاً، هو الإصرار الغريب على فعل التصرفات المستفزة خلال حفلات التخرج، وذلك على الرغم من حالة الرفض الواسعة لمثل هذه التصرفات، المشينة، حيث أصبحت الموسيقى الصاخبة، والرقص المستفز، شيء أساسي في الكثير من حفلات التخرج هذه الأيام، بل وأصبحت هذه النوعية من التصرفات وسيلة للشهرة، والظهور، وما يسمى بركوب الترند، وبغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.
وأخيراً، ان مثل هذه الظواهر، الغريبة على عاداتنا، وتقاليدنا، تؤكد أن هناك خلل خطير في مجتمعنا، لابد من مواجهته، وتحجيمه، وهنا يأتي دور الأساتذة الجامعيين، فالحكمة تقتضي على الأستاذ الجامعي، المشارك في حفل تخرج ما، أن ينسحب فوراً ،ودون تردد، حال وجود أي تصرف غير لائق، وذلك حفاظاً على مكانته العلمية والثقافية، وكذلك حفاظاً على القيمة الأدبية للدرع، أو الشهادة العلمية، التي سيقوم بتقديمها للمتخرج، وهذا ما سيؤدي إلى تحجيم مثل هذه التصرفات، أما إذا ظل الأستاذ الجامعي في الحفل رغم ما يجري فيه من مهاترات، ودون أن يسجل أي اعتراض أو يعبر عن رفضه، سيؤدي ذلك إلى تحول حفلات التخرج الراقصة من سلوك مرفوض، إلى أسلوب حياة.
أقرأ التالي
2025-05-17
رجال خلدهم التاريخ ” الصحابي أنس بن النضر
2025-05-16
خطة ناجحة للمذاكرة قبل الإمتحان
2025-05-15
مشيرة موسى تكتب ” متحف الف اختراع و اختراع “
2025-05-15
القعقاع بن عمرو التميمي
2025-05-14
الصحابي البراء بن عازب “الفارس الذي لا يعرف الموت”
2025-05-11
الخلاف والإختلاف
2025-05-10
زنجبار ” أندلس إفريقيا المنسية “
2025-05-08
صور كارثية..شوايات بالفحم داخل معبد هابو بالأقصر
2025-05-06
موجة من الإنتقادات تواجه إقامة الحفلات بمنطقة الأهرامات
2025-05-05
حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الزبير بن العوام “
زر الذهاب إلى الأعلى