بقلم / د. محمد فكري
هناك فرق بين قيادة الدوله وإداره الدوله ، وهما مفهومان مترابطان ولكنهما مختلفان في نفس الوقت ، فقيادة الدوله تركز على تحديد الرؤيه والإستراتيجيه العامه للدوله ، والقائد هو المسؤول عن إتخاذ القرارات الرئيسيه التي تحدد مسار الدوله وسياساتها العامه فالقياده تتطلب رؤيه إستراتيجيه ومهارات تواصليه والقدره على تحفيز وتحريك الناس نحو هدف مشترك .
ونحن كمواطنين ندعم قرارات قياده الدوله في سياستها الخارجيه أو سياستها العسكريه ونظم تطويرالتسليح والتي تحقق الحفاظ على مصالح الوطن وحدوده وأراضيه .
ويتفهم الشعب المصري ترك هذه الأمور للقياده والجيش والأجهزه المنوطه بالحفاظ على أمن الوطن والمواطنين ، ثقه في قدرتهم على القياده .
وفي الناحيه الأخرى تأتي إداره الدوله التي تركز على تنفيذ السياسات والخطط التي تحددها القياده ، فالمديرين هم المسؤولين عن إداره الموارد والعمليات اليوميه لضمان تحقيق الأهداف المحدده بكفاءه وفعاليه ، وتقديم الخدمات للمواطنين وتسهيل متطلباتهم التي ينص عليها الدستور والقانون في حقوق المواطنين على الدوله ، والتي تتطلب مهارات تنظيميه وتحليليه وإداريه ورقابيه لضمان سير العمل بشكل يحقق إحتياجات المواطنين .
مع وجود وعي كامل بتأثير الأحداث التي تحيط بنا في المنطقه وتأثيرها السلبي على الجانب الاقتصادي .
ولكننا نرصد بجانب ذلك تردي في الخدمات وإرتفاع فى الأسعار غير مبرر، وتفشي الفساد والبلطجه بصوره مخيفه ، والتي سيكون لها تأثير سلبي على الجبهه الداخليه وقد يكون هذا التأثير متعمد أو مخطط له لضرب الجبهه الداخليه وتفكيكها .
فمن المعلوم أنا الحروب على الأوطان تكون داخليه وخارجيه وتستخدم فيها حروب الأجيال الجديده وخاصه أنا مصر دوله لها ثقلها ووضعها وموقعها المتميز بين دول العالم .
فوجب علينا التنبيه على أنا هناك أخطاء يجب تداركها في السياسات الداخليه وسياسات إداره شؤون الدوله والمواطنين والتى أظهرت مشاكل كثيره فى المجتمع المصري ، والتى أدت إلى حدوث تدنى كبير في الطبقه الوسطى والتي تعتبر صمام امان المجتمع ، هذا بجانب التغيرات الكبيره الحادثه فى عناصر مثلث الأمن القومي للوطن.
فالتعليم والصحه والرياضه يمثلون صمام أمان الدوله المصريه كمثلث يهتم ببناء الفرد الذي يتكون منه المجتمع ،
ويعتبربناء الأنسان هو بناء الآمه وهو الماعون للتقدم ، فلا يوجد تقدم بدون بناء للأنسان ، وترسيخ القيم التي تعتبر الفيصل ما بين الاستقرار والفوض .
فنجد أنا التغيرات التى تمت في التعليم والصحه والرياضه تحتاج الى مراجعه وإلى أعادة تقيم .
ففي مجال التعليم تم تغير سياسات التعليم بشكل متكرر وبدون دراسة متخصصه وبدون حوار مجتمعي حقيقي لتحديد الأحتباجات والامكانيات المتاحه للوصول إلي شكل تعليمي يتناسب مع الأمكانيات المتاحه ومتطلبات سوق العمل وإحتياجات الأسر المصريه وتلبيه لمتطلبات التنميه المستدامه ، مما أثر بالضرر على العمليه التعليميه ومخرجاتها وزيادة معدلات الجهل والآميه وزيادة الضغوط على الأسر المصريه والتى تُعول على تعليم أبنائها .
هذا بجانب عدم التعامل الجدى لحل المشكلات الأساسيه والواضحه من نقص الخدمات التعليميه من كتب وتقنيات حديثه والعجز الصارخ فى أعداد المعلمين والإداريين وتدنى أجورهم وعدم وجود أمتيازات لهم ، وضعف التدريب المقدم لتطويرهم ، وغياب التكنولوجيا الحقيقيه لعدم توفر البنيه التحتيه لها ، وفوضى الدروس الخصوصيه ، وسوء أختيار القيادات التعليمية …… ، هذه تحديات ومشكلات تواجه التعليم المصري وتحتاج إلى الحكمه والحنكه في مواجهه وحل هذه المشكلات ، لتحسين وتطوير مخرجات التعليم ، ولكننا ما نراه لا يتناسب مع متطلبات المرحله ويعتبر تخبط وزياده في تعميق جروح التعليم ، ومع كل هذه الأزمات السالف ذكرها والأزمات الاقتصاديه التي نمر بها نجد قرارات جديده لوزارة التربية والتعليم برفع مصروفات الخدمات التعليميه دون النظر للبعد الأجتماعي والأفتصادي للمجتمع ودون تطوير حقيقي لمنظومة التعليم لكى تقنع المجتمع بوجود سياسه حقيقيه تطويريه متكامله للتعليم تستحق المعاناه والتضحيه من أجل تحقيق أهداف واضحه.
فهذه القرارات تزيد من أعباء المجتمع والأسر المصريه وتخلق حاله من عدم الرضا وزيادة المعاناه والشحن السلبي للمجتمع وضرب القيم والثوابت المجتمعية وترسيخ للطبقية التعليمية ، حيث أصبح التعليم سلعه تجاريه لمن يقدر على مستويات التعليم الحكومي والأهلي والدولى والخاص ، فأصبحنا في أشد الإحتياج الى مراجعه حقيقيه وأعادة تقيم للعملية التعليمية ككل ، تجنباً لزيادة الإنحدارالأخلاقي والقيمي والتعليمى والثقافي والذى أدي إلى خلل داخل التركيبه المجتمعيه .
ولا يعتير القطاع الصحي أحسن حالاً من القطاع التعليمي ولكنه يعاني أيضا من عدم وضوح الرؤيه وسوء الإداره ، برغم وجود جهود كبيره لتطوير القطاع الصحى ، ولكنها لا ترتقي لمستويات رضى المواطنين نتيجة البيروقراطية والفساد الإداري وعدم توجبة المخصصات التى تقدمها الدوله لخدمات حقيقيه تطول الطبقات الأكثر أحتياجاً ، وتطهير القطاع الطبى من المفسدين والمنتفعين والذين يعتبرون عائق في طريق تطوير الخدمات الطبيه لصالح القطاع الطبى الخاص وأرباح المستشفيات الخاصه وشركات الأدويه التى تتلاعب بصحة المواطنين والأرتفاع الجنوني في أسعار الأدويه الغير مسيطر عليها ومشكلات التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدوله ، والعيادات الخاصه التى اصبحت تزيد من معانات المرضى من خدمات لا تتناسب مع أسعار الكشوف في فوضه تحتاج إلى نظام وقانون يحفظ حقوق المرضى ، وأنتظام العمل داخل المستشقيات العامه وتحسين خدماتها ، وتنظيم الخدمات المساعده من تمريض مؤهل ومدرب لرفع كفاءه القطاع الصحى ، وتقنين كليات الطب والتمريض لرفع مستوى كفاءة الخريجين …… فنحن فى احتياج حقيقي لقطاع طبي متطور للحفاظ على قوة الشعب المصرى المتمثله فى صحة أبناءه .
اما الرياضه وما يحدث فيها ، فحدث ولا حرج من فوضي الأحتراف فى الالعاب المختلفه وبخاصه كرة القدم وإهادر المال العام والعمله الصعبه في منظومه كرويه فاسده من غسيل أموال إلي تدمير نفسي للشباب الذي يري ويسمع عن ملايين ومليارات تصرف على أشخاص ليس لهم قيمه حقيقه تساوي هذه الأموال الطائله ، مع توجه وزارة الشباب والرياضه إلى مايطلفق عليه الاستثمار الرياضي الذي لا يمت للإستثمار بصله وفوضى إستثمارات الأنديه الخاصه على حساب الرياضه والأنديه الجماهريه وتفريغ المجتمع المصري من المنشأت التى يستطيع فيها الشباب الغير مقتدر على ممارسة الرياضه وتفريغ طاقاته ، مع تحول مراكز الشباب إلى ملاعب للتأجير وتحويلها لملاعب كرة قدم وصالات للأفراح مما زاد من فساد هذه المراكز وأهمالها وترتب عليها عدم ممارسة الالعاب المختلفه وعزوف الشباب عن ممارسة الرياضه والوقوع في براثم التكنولوجيا وإدمان الموبيلات ومخاطرها وكذلك زياده معدلات الفراغ الذي أدي إلي زياده التوجه لإدمان المخدرات.
هذا بجانب سوء لوائح الهيئات الرياضيه التى تسببت في فوضي الأنديه والأتحادات الرياضية ، بجانب القرارات التي يتم إتخاذها على أنها قرارات لصالح صحة اللاعبين وهي تعتبر المسمار الأخير في نعش الرياضه المصريه فقرار الكشف الطبى علي اللاعبين قرار ظاهره صحيح وباطنه فساد وتربح فليس من المنطقى أن يتم الكشف الطبى علي اللاعبين في مراكز الطب الرياضي بمبلغ يتراوح مابين ١٣٠٠ و١١٠٠ جنيه للاعب للحصول على شهاده طبيه لمدة ستة أشهر أو سنه وتجدد ،علماً أن هؤلاء اللاعبين واللاعبات على مستوى قطاعات الناشئين هم تحت مظله التأمين الصحي لطلاب المدارس ، فهذا المبلغ الكبير والذي سيتحمله أولياء الأمور لعدم مقدرة الانديه على ذلك سيؤدى إلى زياده أحجام اولياء الأمور عن ممارسة أولادهم للرياضه نتيجة الأزمه الافتصاديه ويترتب عليه ترسيخ الطبقية الرياضيه ، فى أسوء عصور الرياضة المصرية كمستوى رياضي وأخلاقي وأحتياج حقيقي لمراجعه كامله للمنظومه الرياضيه والتى يمكن من خلالها تفريغ طاقات الشباب وتوجهها التوجيه السليم وترسيخ الأنتماء والولاء للوطن وللأندية التى يتم الأنتماء لها بصوره إيجابيه وبعيداً عن التعصب وسيطرة التيارات الشريره على عقول الشباب .
فالوعي يحتاج إلي فكر وإراده وإداره ومتابعه وتقيم والأمن القومي يحتاج إلي تعليم وصحه ورياضه تليق بمستوي هذا الشعب العظيم ، هذه رساله للفت الأنتباه لقضايا حقيقيه ومهمه ، وللوصول لوعى حقيقي يكون سلاح قوي لمواجهة التحديات التى تواجه الوطن.
أقرأ التالي
2025-06-18
“نظرية الخيمرية المجهرية”حين يسكن الأبناء أجساد الأمهات
2025-06-18
رحلة في عقل طالب الثانوية العامة
2025-06-18
الوجه الآخر للأسرة المصرية
2025-06-17
الاجواء العربية المستباحة
2025-06-08
مجلس الأمن و إسرائيل
2025-06-05
كيف تأكل اللحم دون أن تؤذي صحتك؟
2025-06-05
مشيرة موسى تكتب ” الأنامل الذهبية “
2025-06-05
دواء Finasteride..مجرد لمسه من قبل الحامل قد يسبب تشوهات خلقية خطيرة
2025-06-02
نهاية الامتحانات وتخريب التلاميذ لفصولهم المدرسية
2025-06-01
صلاح الدين الأيوبي والمؤرخ اميروتو
زر الذهاب إلى الأعلى