مقالات

ترباية الزوج وترباية الأهل 

الدكتور / حسام القاضي

إرشاد نفسي وتربوي

عنوان هذا المقال الإرشادي مرتبط بالمسؤولية، والمسؤولية أحد أهم أركان النظرية الواقعية في الإرشاد التربوي، وكلا المفهومين ( المسؤولية والواقعية ) له ارتباط وثيق في الحياة الشخصية لكل فرد، فالشخص المسؤول هو الذي يؤدي دوره على أكمل وجه، ويقابله الشخص الغير مسؤول الذي يُسقِطُ فشله على الآخرين مُتعذِّرا بأعذارٍ ومبررات واهية !!.

والشخص الواقعي هو الذي يتعامل مع المعطيات بكل صلابة وصمود، ويقابله الشخص اللاواقعي الذي يتكئ على أوهامه وتخيلاته منتظرا الحلول من السماء، فلا يبحث عن حلول، ولا يحرص على البحث عن بدائل ( وكم تعج المجتمعات من الصنفين : مسؤول وواقعي، غير مسؤول ولا واقعي ) ؟.

 

عنوان المقال هو مثال حي من هذه الأصناف، فعلى من يقع إعداد الفتاة منذ ولادتها وحتى بلوغها قبل أن تتزوج وتُزَفُ إلى عريسها، من المسؤول عن تربيتها وتعليمها، من المسؤول عن إكسابها مهارات الطبخ والترتيب والتنظيف، من المسؤول عن تدريبها على الكياسة واللباقة واحترام الآخرين، ماذا يعني أن تتزوج الفتاة وهي لا تعرف شيئا مما سبق، من المسؤول عن هذا الفشل في الإعداد ؟!.

 

يقول المثل المصري ( ترباية الزوج ترباي، وترباية الأهل ترباي )، ومدلول المثل واضح أن على الزوج أن يتبنى فكرة أن زوجته عالبلاطة، لا تُجيد طهوا، ولا تُحسنُ نظافة، بلهاءُ ينقصها تعليم، جاهلة يلزمها ترميم، لم تتوفر لها في بيت أبويها الأدوات لتتعلم، ولا حتى من يُعِلِّمْ، حيث كانت الفتاة تهيمٌُ على دلالها، وكانت الأم منشغلة باهتماماتها، والرجل بالكاد يعرف عن بيته شيئا، والضحية هو الزوج الذي يبلع السكين من اتجاهين، إما أن يُلِّزم زوجته بالتتلمذ على يدي والدته، فيصبح حاله كحال الدول العربية المستدينة من صُندوق النقد الدُّولي ( سمعا وطاعة )، وإما أن يبكي على أطلاله، علَّ الزمان أن يهبهُ حلّا سحريا يُحوِّل زوجته لراعية ببت محترفة .

 

كم من فتاة غير مؤهلة للزواج تزوجت ثَّمَّ تطلَّقت ؟، كم بيت اجتاحته العواصف لأن الأزواج فيه غير مؤهلين ؟، كم من آباء لم يُعيروا أبناءهم واجب التربية والإعداد ؟، كم تدفع المجتمعات أثمان لا مبالاة البلهاء ؟، وكم يعاني الأبناء مآسي المشاهد الحية لصراعات آبائهم ؟؟!!.

 

لماذا على الزوج أن يُربي ؟، لماذا يتحمل فشل الأم في تربية وإعداد ابنتها التي كانت تسرح على لهوها، وعليه أن يتحمل ملوحة وحموضة البيضة لما تقليها ، ما ذنبُ الفتاةِ لمَّا لا تعلمُ شيئا عن حياتها الزوجية إلا أنها كَبُرَتْ وجاءَ مَن يَطلبُ يدَها ؟، مَنْ يُسائِلُ الأبَ الذي زوَّجَ ابنتَهُ قاصرا ما زالت تُلاعبُ دُميَتَها ؟، مَنْ يُفسِّرٌ لنا سِرَّ تفَشِّي الطلاقَ في مجتمعاتنا ؟. 

 

( تَعلَّمت الفتياتُ وتعلَّم الفتيان ) وليتهم تَملَّكو نباهةَالوِلدانِ والشيبان، فقدَّسو الزواجَ وحافظو على الوِلدانْ، فالطبخةُ باتت سببا للطلاقِ، والزينةُ الفارغة وراء كل مظهر جاذب لكن بدون اتقان، والملامة قائمة تطالب الزوج بتغيير الوضع القائم ( وهل باستطاعة أحد أن يعدل جذع شجرة بعد أن عفى عليها الزمان ) ؟.

 

فلتتوقف الصرخات الناعقة التي تطالب الزوج بالتربية والتغيير، ولتشتد أوتارها في الاتجاه الصحيح ( ان كانت صادقة ) بمطالبة الأهل بإعداد الفتيات الإعداد الأمثل الذي يؤهلهن أن يصبحن أمهات ناجحات في تسليم الراية لمن يخلفهن، على قاعدة غرسو فأكلنا ونغرس فيأكلون .

 

قال شو قال : ترباية الزوج ترباي. .. وترباية الأهل ترباي ( جد بتحكو ولا بتمزحو ) ؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى