أدب

دَع عَنـكَ مَا يُقـال

بِقلَــم / مَريَّمــ يَاسِــر فَوزِى 

 

خُلقنا وفي طبيعتنا حب المدح وكره الذم ، فترى كل إنسان يُحب أن يُمدح ممن حوله ، ويزداد فخراً وثقة بنفسه عندما يمدحه أحد 

وتري الإنسان يُقهر إذا تم ذمه أو إيذاءه بكلمـة ، فـنحن أنفس ، والنَفس ترفعها كلمة مدحٍ واحدة ، وتُسقطها كلمة ذم واحدة أيضـاً.. 

ويكون للكلام _سواءً أكان مدحاً أم ذماً_ أثر أكبر إذا قيل للإنسان من أقرب الناس إليه وخصوصاً إذا قيل له من أحباءه ؛

فترى سعادته لا تسع الدنيا بعد كلمة مدحٍ من أحد يحبه ، 

وترى أجنحته تُكسر إذا تلقي ذماً ممن يُحبهم.. 

وكل هذا فطرة الإنسان ، فلِم الكلام الآن في هذا ؟!

المفارقة هنا أن كثيراً من الناس لا يُمدحون من أحبائهم ، بل بالعكس ؛ لا يُكسرون ويُذمون ويُقهرون إلا منهم!

وهذا يجعل الإنسان ضعيفاً ، لا يقوى على الحِراك أو المُضي إلى الأمام خطوةً واحدة ، يجعله حزيناً منكسراً ، لا يستطيع النجاح بشئ!

وكما تعلمون أن هدم الإنسان بالكلام أسهل بكثير من بناءه..

ولهذا أخبرنا نبينا ﷺ أن : “الكلمة الطيبه صدقـة” ، لأنه ﷺ كان يعلم أثر الكلمة الواحدة على بني آدم ..

حسناً 

إذاً ماذا يفعل من تعرَّض للذم أو الإيذاء اللفظى من أحباءه ؟ هل سيترك نفسه للسقوط من تلك الهاوية؟!

بالطبع لا .. 

إياكم وأن يترك أحدكم نفسه لتسقط أبداً ، إن تركت نفسك لتسقط فلا تلُم من أسقطك ، هو فقط حاول إسقاطك ، بَل لُم ذاتك لأنَّـك أنت من سمحت لها بالسقوط!

دَع عَنـك ما يُقال لك مُطلقاً ؛ سواءً كان مدحاً أم ذماً..

من يمدحك أو من يذمك لا يعرفك كما تعرف أنتَ نفسك

وحدك تعلم ما فيكَ وما ليسَ فيك ، _فقط كُن صادقاً مع نفسك حتى لا تغفل عن نصيحة حقيقية_ ، ووحدك شهدت على رحلتك في الحياه ، وحدك مررت بلحظات قوة ولحظات ضعفٍ كنت أنت الشاهد الوحيد عليها..

فلا تدع كلام الناس _مهما كان_ يغلبُ عِلمك بنفسك!

وليس كل من يمدحك يعنى ما يقول حقاً ؛ ربما مدحك لمصلحةٍ له عندك ، أو ربما يخاف منك ويذمك من وراء ظهرك.. 

وليس كل من يذمك يستحق الإنصات لكلامه ، فهناك بعض الكلام يجب أن تترفع عن الإنصات إليه إكراماً لنفسِـك ولأذنيك..

ولا تُشغِل نفسـك بما يُقال ، ف البشر كُلهم يُهلكهم لسان!

وكلُّهم يتحدثون ، ورضا الناس غايةٌ لا تُدرك..

فلِم تضيع وقتك في سماع كلامهم؟!

اشغل نفسك بنفسك ، وانشغل بأهدافك وبتحقيق ما تُريد ، وضع كلامهم وراء ظهرك ولا تلتفت ، استمتع بنجاحاتك وبحياتك ، طوِّر ذاتك ، وأصلح أخطاءك ، وتخلى عن صفاتك السيئة وضع مكانها صفات أفضل ، انشغل بالتقدم ، واسعي لتحسين ذاتك قدر المُستطاع ، واصبر عليها في تلك الرحلة ، وستندهش من النتيجة لاحقاً!

ولا تستمع إلا لمن هم أهل للاستماع ، ومن يحبونك حقاً ويتمنون لكَ الخير ، وإن لم تجد ، فاجعل دليلك هو الله ، فإن اتبعت الله لن تَضِل أبداً 

وافعل ما يُمليه عليكَ ضميرك ، ولا تسمح للكلمات المؤذيه أن تتسلل إليك ، وثق بنفسك وإياك أن تسمح للكلام أن يهدم ثقتك بنفسك..

هل تعلم متى تغرق السفينة؟!

السفينة تغرق إذا دخل الماء داخلها ، على الرغم أنها لا تتأثر به وهو حولها ، هى غرقت فقط لأنه دخل إليها..

هكذا أنت ؛ أنت تغرق إذا سمحت للكلام السئ أن يتسلل داخلك ، لكن طالما أنه يُقال من حولك ولم يدخل إليكَ ف أنت بأمان..

فلا تُغـرِق نفسـك بنفسـك ، وامضِ في طريقِـك ولا تلتفـت!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى