سياحه وآثارمقالات
زيارة الى.. معابد فيله باسوان ” الجزء الثالث “
كتب نصرسلامة
تابعنا في الجزء الثاني خلال زيارتنا لمعابد فيله، شرح تفصيلي لمقصورة نقتنبو والاعمدة الشرقية والغربية للفناء الخارجي.
وقصة اسطورة ايزيس واوزيريس.
ونستكمل بالجزء الثالث زيارتنا لمعابد فيله بالمدخل الرئيسي لمعبد ايزيس وهو ما نطلق عليه مسمى بيلون.
المدخل الرئيسي لمعبد ايزيس:
عندما تنظر الى مبنى حاول ان تكون نظرتك شاملة له ثم تابع التفاصيل، هذا البناء لم يكن مجرد مدخل لقاعات المعبد، انه بمثابة صرح ضخم يتكون من برجين شرقي وغربي، ورغم ضخامة البرجين لن تلاحظ اي اختلاف في الارتفاع او العرض او زوايا الميل الداخلية، جميع قياسات البرجين تثبت التطابق التام بينهما.
وقبل الحديث عن المدخل الرئيسي للمعبد،نتوقف قليلا لنصف بعض القطع الاثرية امامه، فنشاهد تمثالين لاسدين من الجرانيت الوردي، منحوتين بشكل واسلوب يختلف تماما عن الفن المصري، ومن المرجح انتمائهما الى العصر الروماني، ولا يوجد اي معبد في مصر يتقدمه تمثالين لاسدين الا معبد ايزيس على جزيرة فيله، وعن سبب وجودهما بهذه الطريقة، ربما انهما كانا بمثابة حارسين لمدخل المعبد الرئيسي، وكان يوجد خلف التمثالين مسلتين، احدهما مفقودة والاخرى معروضة حاليا بميدان كنج استون بانجلترا، ولم يتبقى من المسلتين بالموقع سوى قاعدة لاحداهما.
لاحظ انك سوف تصعد بعض درجات سلم للوصول الى صرح المعبد.
صرح المعبد الرئيسي:
اعتاد المصري القديم بناء عددا من الصروح في مقدمة المعابد لسببين، الاول.. ليخفي خلفه جميع العناصر المعمارية التي كانت بمثابة عناصر مقدسة يجب عدم اظهارها لعامة الناس، والثاني.. هو استغلال جدران الصرح في تسجيل شجاعة الملك وعلاقاته بالمعبودات المصرية القديمة، وبخاصة معبودات المعبد نفسة.
اما اصل فكرة البرجين الذي يتكون منهما الصرح فترجع الى اعتقاد بان الشمس عندما اشرقت لاول مرة اشرقت بين جبلين، ويرمز البرجين هذين الى الجبلين مع وجود فاصل بينهما، وان الملك او الكاهن الاكبر كان يصعد من خلال سلالم داخلية ليقف اعلى المدخل الذي يتوسط البرجين وبالتالي يصبح هو نفسه رمزا للشمس.
وصف الصرح الاكبر:
يصل ارتفاع الصرح حوالى 18 متر وعرضه حوالى 32 متر من الشرق للغرب، وهو صرح مكتمل البناء، اجوف، يحتوي على سلالم و غرف داخلية، ويتكون من برجين دو شكل انسيابي، ويتميز بوجود مدخلين به، الاول وهو المدخل المؤدي الى مسار المعبد الطبيعي، والثاني يؤدي الى بيت الولادة.
يرجع تاريخ المدخل الاوسط الى عهد الملك نقتنبو (الاسرة الثلاثين) و يرجع بناء الصرح الى الملك بطليموس الخامس بينما ترجع نقوشه وكتاباته الى عصر الملك بطليموس الثاني عشر.
توضح النقوش على الصرح قوة وشجاعة الملك حيث نشاهده ممسكا ببعض الاعداء من شعورهم بينما يده الاخرى تهوي عليهم لتقتلهم، كما نري الملك وهو يقدم الهدايا والقرابين الى معبودات المعبد وعلى رأسهم ايزيس وحتحور وحورس واوزيريس، وهي مناظر تعتبر تقليديه ونراها على معظم صروح المعابد المصرية.
عند الدخول من المدخل الرئيسي وعلى ارتفاع حوالي مترين بالجانب الايمن نشاهد مخطوط مكتوب باللغة الفرنسية، يسجل وصول قوة من الجنود الفرنسين بقيادة الجنرال ديزيه اثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر، حيث قامت القوة بمطاردة المماليك حتى هذه المنطقة.
ومن المدخل الرئيسي نصل الى الفناء الثاني للمعبد، وهو فناء مكشوف محاط بمباني معمارية من اربعة جهات، فنجد رواق اعمدة بالجانب الشرق، مكون من 10 اعمدة، وهذا الرواق يعتبى مثابة رابط بين الصرح الاول والثاني، و بيت الولادة من الجانب الغربي ومن الجنوب نري ظهر الصرح الاول ومن الشمال وجه الصرح الثاني، وما نريد ان نتحدث عنه الان هو بيت الولادة
بيت الولادة (الماميزى):
أنشئ في العصر اليوناني الروماني تمجيدا للعلاقة الأسرية وكذلك تأكيد على أحقية الملك في الحكم وميلاد الملك الإلهي وهو تقليد متطور عن تقليد قديم بدأته الملكة حتشبسوت بمنظر يمثل الولادة الإلهية لها على جدران معبدها بالدير البحري حيث تم تصويرها في المنظر على أنها من صلب المعبود آمون الذي التقي مع والدتها وأنجبها من صلبه وذلك لتدلل على أحقيتها في العرش نظراً لعدم اعتياد المصريين على حكم الإناث لهم. واستخدم نفس الشيء الملك أمنحوتب الثالث لأن أمه كانت غير مصرية فصور قصة ميلاده الإلهي من صلب المعبود آمون الذي التقي مع والدته كما فعلت حتشبسوت وظل هذا المشهد وتطور في عصر البطالمة ليدللوا على أحقيتهم في العرش لانهم كانوا اجانب، حيث تحول المنظر في العصر اليوناني الروماني إلى معبد صغير جداً يسمي (بيت الولادة).
عند مشاهدتك لبيت الولادة الى الغرب من الفناء الثاني، تجد منظر بالجزء العلوي به عدد 7 حتحورات، واقفين يعزفون على الدفوف امام ايزيس و حتحور، وكانت لكل واحدة من هذه المعبودات وظيفة هامة وهى المحافظة على المولد خلال السبع ايام الاولى، لذا يعتير العدد 7 من الارقام الهامة بالنسبة للمولد، حيث كان اعتقادهم ان حياة الوليد تكون خطره خلال اول 7 ايام وبمرورهم بسلام يعتبر ضمان وأمان لحياته وانه عدى مرحلة الخطر، لذا كان الاحتفال بالمولود يتم في اليوم السابع، وهو نفس التقليد الذي يفعله المصريين حاليا باختلاف عقائدهم.
ويمتد هذا الجانب الغربي حتى الصرح الثاني بوجود عدد 7 اعمدة يعلوها تيجان نباتية وفوقها رؤوس تمثل حتحور باتجاه الجهات الاربعة، وتوجد ستائر جدارية بين هذه الاعمدة عليها مناظر مختلفه، من اهمها منظر للملك بطليموس 12 في منظر التطهير بين المعبودين تحوت وحورس وهما يسكبان المياه المقدسة على الملك على شكل تبادلي من علامات العنخ “الحياة” والواس” القوة والثبات في الحكم”.
ومنظر اخر نطلق عليه التتويج، يبدو فيه الملك مرتديا التاج المزدوج، بين المعبودتين، نخبت ووادجيت.
اما مبنى بيت الولادة، فيتكون من رواق يرتكز سقفه على اربعة اعمدة، ثم غرفتين ومحراب، وجميع الجدران عليها نقوش لملوك البطالمة يقدموا القرابين والهدايا الى المعبودات المصرية.
ومن اهم المناظر التى نشاهدها في الغرفة الاخيرة منظر للمعبود حورس على شكل صقر مرتديا التاج المزدوج وحوله وحدات من زهور البردي بعضها متفتح والاخر براعم، والمقصود من هذا المنظر انه يمثل مكان اختباء حورس في احراش الدلتا حفاظا عليه من عمه حورس، ومنظر اخر لايزيس وهى ترضع حورس، يحيط بها ستة من المعبودات.
نعود مرة اخرى الى الفناء الثاني لنشاهد تفاصيل الصرح الثاني للمعبد.
والى اللقاء في الجزء الرابع